شكلت معركة الكرامة انعطافة كبرى في مجرى الصراع العربي – الإسرائيلي، إذ كانت بمنزلة حجرٍ أُلقي في بركة مياه راكدة، فشكّل حلقات اتّسع مداها وكبر، وتلاحقت حوادثها، ونتجت عنها طفرة كبيرة في مسار الثورة الفلسطينية المعاصرة ونموّها، إذ تعزّزت مكانة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في قيادة المقاومة، وأعادت للمقاتل العربي ثقته بنفسه وبقدرته على مواجهة العدو الصهيوني وإلحاق الهزيمة به، وأُحبطت آمال العدو باستسلام سريع للنظام العربي الرسمي بعد هزيمته المدوية في حرب حزيران 1967، إلا أن هذه اللوحة الجميلة، التي شهدت تلاحم الجيش العربي الأردني والمقاومة الفلسطينية وبروز ظاهرة التأييد الشعبي العارم للعمل الفدائي، اختلّت ملامحها ولم تكتمل جماليتها، وهو ما سيحاول هذا المقال تبيّن أسبابه، ليعيد رسم صورةٍ أقرب، تستكشف أسباب المعركة ومجرياتها ونتائجها والأدوار التي اضطلعت بها أطرافها، وأخيرًا رواياتهم المنقوصة عنها، والمتغيّرة بتغير الهدف وتجاذبات السياسة. فهذه الرواية لا تزال غير مكتملة، على الرغم من مرور 54 عامًا على زمن المعركة التي شهدتها منطقة أغوار الأردن في 21 مارس/ آذار 1968، وعُرفت باسم بلدة الكرامة التي أُقيم عليها مخيم للنازحين من الضفة الغربية بعد عام 1967.
بعد حرب حزيران 1967، انتشرت قواعد الفدائيين على امتداد نهر الأردن، فكانت مرتكزًا للدوريات التي تعبر النهر متوجهة إلى الضفة الغربية المحتلة، ما أدّى إلى اندلاع اشتباكات مستمرة مع الجيش الإسرائيلي المرابط على الضفة الأخرى. وقد حظيت تلك الدوريات، خلال عبورها إلى الأرض المحتلة أو عودتها إلى قواعدها، بتغطية نيران مدفعية الجيش الأردني وإسناده، فتحوّلت هذه المنطقة إلى جبهة قتالٍ مشتعلة على طول خط المواجهة الذي شهد قصفًا مدفعيًا يوميًا متبادلًا، وغاراتٍ جوية صهيونية. كانت بلدة الكرامة مركزًا لقيادة العمل الفدائي، تجمّع فيها نحو 380 مقاتلًا من حركة فتح (بحسب رواية فاروق القدومي)، و500 مقاتل (بحسب رواية صلاح خلف). إضافة إلى فصيل من قوات التحرير الشعبية التابعة لجيش التحرير الفلسطيني بقيادة صائب العاجز، وقاعدة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
في ظل هذا الوضع، بدأت الحكومة الأردنية تتلقى الرسائل من الولايات المتحدة، أو من خلال تصريحات قادة العدو، بضرورة ضبط الحدود وإخلاء المنطقة من الفدائيين والسيطرة عليهم. وترافق ذلك مع حشدٍ لافتٍ للقوات الإسرائيلية مقابل بلدة الكرامة.
بداية، حاول النظام الأردني تلافي المعركة المرتقبة، وقد كان يشكو من عدم انطلاق العمل الفدائي إلا من الضفة الشرقية، بينما يُحظَر عليه الانطلاق من الجبهة السورية، ويرى في ذلك استنزافًا وتعطيلًا للجهد الأردني في إعادة بناء قواته بعد هزيمة حزيران، وهي الحجّة ذاتها التي تذرّع بها النظام السوري لمنع العمليات الفدائية في جبهة الجولان. وقد تجلّى هذا الموقف في خطاب الملك حسين بتاريخ 16/2/1967، الذي دعا فيه إلى انطلاق كل عملٍ مخلصٍ وهادف "من خلالنا نحن، في إطار ما نرسم ونخطط ونُعد"، مهددًا أي فئةٍ تتجاهل هذا الموقف بأنها "ليست منا، ولسنا منها"، "ونحن لذلك عليها وضدها". لكن المناخ العربي الرسمي والشعبي بعد الهزيمة منع النظام الأردني من اتحاذ خطواتٍ ملموسةٍ لمواجهة انتشار القواعد الفدائية في منطقة الأغوار أو محاولة ضبطها.
مع تزايد الحشد العسكري الإسرائيلي، بدا واضحًا أن موعد المعركة قد اقترب، وحينها حدث اللقاء الرسمي الأول بين صلاح خلف (أبو إياد) ومدير الاستخبارات العسكرية في الجيش الأردني غازي عربيات، واتفقا على لقاء آخر في 18 مارس/ آذار مع رئيس الأركان الأردني اللواء عامر الخمّاش، عُقد في مكتب عربيات وحضره، إضافة إلى صلاح خلف، ياسر عرفات (أبو عمار)، وقائد القوات العراقية المرابطة في الأردن اللواء حسن النقيب. وبحسب صلاح خلف، أبلغهم اللواء خمّاش بأن الهجوم الإسرائيلي سيحدُث خلال الأيام الثلاثة المقبلة، طالبًا منهم الانسحاب إلى المرتفعات، حفاظًا على سلامة المقاومة، على اعتبار أن المواجهة ستكون بين جيشين، وظنًا منه أن انسحاب المقاومة إلى المرتفعات قد ينزع ذريعة الهجوم الإسرائيلي القادم ويوقفه، لكن أبو عمار وأبو إياد رفضا هذا العرض، وأصرّا على البقاء في الكرامة وعدم الانسحاب.
الحوار الذي دار مع رئيس أركان الجيش العربي الأردني جرى مثله بين "فتح" وأحمد جبريل وأحمد زعرور، اللذيْن كانا في ذلك الوقت القائدين العسكريين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قبل أن ينشقّا عنها، فيؤسّس جبريل الجبهة الشعبية - القيادة العامة، ويؤسّس زعرور منظمة فلسطين العربية. قرّر أحمد جبريل الانسحاب من الكرامة إلى مرتفعات السلط، عملًا بقواعد حرب العصابات التي لخصها كارل ماركس في مقالته "حرب الغوار في إسبانيا" بقوله: "إن قواعد أولئك المغاورين على ظهورهم حيثما وجدوا، وكل عملية ضدهم تنتهي باختفاء هدفها". في حين لخّص كارل كلاوزفيتز في كتابه الشهير "عن الحرب" مبادئ حرب العصابات بعبارات من مثل "اضرب واهرُب"، و"عدم المواجهة". وبلغت قمة التنظير لهذه المقولات عند ماو تسي تونغ الذي أكّد أنه "حين يتقدّم العدو نتراجع، وعندما يعسكر نزعجه، وعندما ينسحب نهاجمه، وعندما يتراجع نلاحقه". وهذه المبادئ هي التي كانت تُدرّس في الكليات العسكرية التي درس فيها جبريل وزعرور، وهي ما استند إليه عامر خمّاش في طلبه من ياسر عرفات الانسحاب من الكرامة.
كان لمخالفة قيادة حركة فتح القواعد الكلاسيكية لحرب العصابات ما يبرّرها، فقد أدركت أن العالم العربي يحتاج إلى إشعال إرادة القتال بعد هزيمة حزيران، كما تخوّفت من أن الانسحاب من الكرامة يعني نهاية العمل الفدائي، وفي أحسن الأحوال، إخضاعه لوصاية النظام، فهل لنا أن نتخيّل لو جرت المعركة، بغضّ النظر عن نتيجتها، من دون مشاركة الفدائيين؟ ماذا سيكون مبرّر استمرار العمل الفدائي عندها؟
قاتل الفدائيون بشراسة في بلدة الكرامة التي كان فيها أبو عمّار وأبو إياد وأبو اللطف وأبو صبري من اللجنة المركزية لـ"فتح"، وعشرات من كوادرها، وهناك انتقل القتال من بيتٍ إلى بيت، واستُخدمت الأحزمة الناسفة، والسلاح الأبيض. ويصف قائد الفرقة الأولى في الجيش الأردني المرابطة في المنطقة اللواء مشهور حديثة الجازي، والذي يعدّ قائد معركة الكرامة باقتدار، قتال الفدائيين في تقريره الذي رفعه إلى قيادة الجيش: "أما الفدائيون فقد قاموا بواجبهم خير قيام، وقاتلوا في بلدة الكرامة حتى مرحلة القتال بالسلاح الأبيض، وبعد اطّلاعنا على أن هؤلاء الناس، جميع إصاباتهم في صدورهم ومن الأمام، وللتاريخ أقول قاتلوا قتال الأبطال". وعندما اعترض أحد القادة الذين حضروا الاجتماع، أجابه مشهور حديثة: "إنني أكتب للتاريخ لا للسياسة". ويذكر صلاح خلف الموقف ذاته، فيقول: "كنا صافين الشهداء في عنبر طويل، حوالي 70 شهيدًا، فش واحد إلا كان في ضربة في وجهه، وفي صدره. دخل بعض الضباط الكبار من الجيش الأردني، أتذكّر منهم غازي عربيات. كان كل العسكريين يضربوا تحية، وجاء أيضًا بهجت التلهوني، رئيس الحكومة، وكامل عربيات، رئيس مجلس النواب. كل الشخصيات الرسمية وغير الرسمية جاءت كلها إلى الكرامة".
على الرغم من أن الملصق الرسمي الذي أصدرته حركة فتح عن معركة الكرامة تضمن رسمًا لفدائي من قوات العاصفة وآخر من قوات التحرير الشعبية وثالثاً لجندي من الجيش العربي (الأردني)، في إشارة إلى هذا التلاحم الخالد لرفاق السلاح في المعركة، إلا أن الرواية التي سادت وروّجتها المقاومة قد جانبت الحقيقة، بأن معركة الكرامة كانت معركة المقاومة، مدّعية أن الجيش الأردني لم يشارك فيها إلا بعد الساعة الحادية عشرة ظهرًا، وأن مشاركته اقتصرت على الإسناد المدفعي، وبتعليماتٍ من قادة الوحدات الميدانية الذين خالفوا أوامر قيادتهم، وحُصرت المعركة بتلك الاشتباكات التي جرت في بلدة الكرامة أو على تخومها، وتجاهلت محاور القتال الأخرى الممتدة على جبهة واسعة، وهو ادّعاء لا يستند إلى حقائق موضوعية، إذ يؤكد الفريق مشهور حديثة الجازي أن الجيش بدأ الاشتباك مع العدو منذ اللحظات الأولى في الخامسة والنصف صباحًا، ويؤيده في ذلك سعد صايل الذي كان قائدًا لكتيبة الهندسة في الفرقة الأولى، قبل أن يلتحق بالمقاومة ويصبح مديرًا لعملياتها المركزية. تحصُر رواية المقاومة المعركة في مقاتليها، وتمنح الجيش الأردني دورًا مساندًا، وتعتبر مساندته خروجًا على أوامر قيادته. لكن هذه النبرة تغيرت بعد تحسن العلاقات الفلسطينية - الأردنية في الثمانينيات، من دون الدخول في تفاصيل المعركة التي اقتصرت على إبراز جوانب بطولة الفدائيين ومآثر الشهداء، ما يجعل من الرواية الفلسطينية عن المعركة منقوصة، تقتصر على جانب واحد منها، وهو القتال الذي دار في بلدة الكرامة وعلى تخومها حيث قاتل الفدائيون.
حاولت القيادة الأردنية تجنّب المعركة، تارّة باتصالاتها الدبلوماسية، وتارّة بنزع ذريعة الهجوم عبر حمل المقاومة على الانسحاب من بلدة الكرامة، أو تخفيض حجم قواتها فيها، إلا أن المعلومات التي بدأت تردّ إلى غرفة العمليات في الجيش الأردني عن حجم الحشود العسكرية الإسرائيلية، دفعت القيادة الأردنية إلى تقدير هدف الهجوم الإسرائيلي بما يتجاوز ضرب قواعد الفدائيين في الكرامة إلى احتلال مرتفعات السلط والوصول إلى تخوم العاصمة عمّان، لإرغام الأردن على قبول التسوية والسلام الذي تفرضه إسرائيل، وبالشروط التي تراها وتفرضها من موقع القوة، وهذا ما ورد في بيانات مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، استنادًا إلى حجم الحشد الذي تجاوز ثلاث فرق عسكرية، ودعوة وزير الدفاع الإسرائيلي الصحافيين إلى المشاركة في مؤتمر صحافي سيعقده بعد المعركة في بقعةٍ من المنطقة، فهمها الصحافيون أنها مدينة السلط.
نُفذ الهجوم على ثلاثة محاور رئيسة ومحور ثانوي، وامتدّ ضمن جبهة واسعة، وشاركت في التصدّي له قوات الحجاب التي ترابط في المواقع الأمامية، وقوات المشاة والدروع والمدفعية، كما جرى دفع تعزيزاتٍ من معسكرات الجيش في منطقة الزرقاء إلى الجبهة، وتعرّضت هذه التعزيزات إلى قصفٍ جوي، وهو ما يعني، بوضوح، أن إدارة المعركة كانت تجرى على مستويات عليا رفضت القبول بوقف إطلاق النار قبل الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية. استمرّت المعركة منذ الخامسة والنصف صباحًا حتى ساعات المساء، وتخلّل الهجوم إنزال مظليين شرق بلدة الكرامة، وتقدّمت الدبابات الإسرائيلية عبر الجسور الثلاثة المقامة على النهر، والتي شكّلت محاور الهجوم، إضافة إلى المحاولات الدؤوبة لإقامة رؤوس جسورٍ جديدة لاستيعاب حجم القوات الإسرائيلية المهاجمة. استشهد في المعركة 87 ضابطًا وجنديًا من الجيش الأردني، وقدّرت المقاومة خسائرها بحدود 90 شهيدًا، وتقول انتصار الوزير (أم جهاد) أن عدد شهداء الكرامة المسجّل في دائرة أُسر الشهداء هو 103 شهداء. وقد غفل بيان المقاومة وسردها اللاحق عن وقوع أسرى في صفوفها، في حين ذكر الإسرائيليون أنهم أسروا 141 فدائيًا، تبين لاحقًا أن من ضمنهم مدنيين كثيرين، كما زعمت أنها أسرت أربعة جنود من الجيش الأردني.
قدّرت المصادر الأردنية خسائر الجيش الإسرائيلي بـ250 قتيلًا و450 جريحًا، إضافة إلى تدمير 20 دبابة، بقي منها في أرض المعركة 11 دبابة لم يتمكّن العدو من سحبها، و88 عربة مختلفة، وكذلك أُسقطت سبع طائرات مقاتلة. في حين اعترف العدو بمقتل 30 من جنوده، وجرح 96، وإسقاط طائرة وفقد جنديين.
الرواية الرسمية للجيش الأردني، والمنشورة على موقعه، تتجاهل دور الفدائيين في المعركة، وفي النشرة السنوية التي دأبت دائرة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة على إصدارها في ذكرى المعركة. وأغفل دورهم تماما في النشرات التي صدرت خلال فترات عدم التوافق بين النظام الأردني والمقاومة، بل وكانت تتحدّث أحيانًا عن هروب قادتهم من المعركة، ثم اختلفت الروايات قليلًا بعد الوفاق فلسطيني – الأردني، لتشير النشرات إلى مشاركة "بعض الفدائيين والسكان المحليين في القتال الذي دار داخل بلدة الكرامة"، أو مشاركة "عناصر من المقاومة الفلسطينية". في حين ذكر في عام 1983 "تلاحم الجندي الأردني مع أخيه الفدائي الفلسطيني"، وعلى مدى أعوام وإلى حينه، يرد مثل هذا الوصف أحيانًا ويختفي أحيانًا أخرى. لم ينشر الجيش الأردني أوامر العمليات والبرقيات الصادرة خلال المعركة وقبلها، وهو أمرٌ مهم للتوثيق التاريخي الدقيق. أما حركة فتح فقد اهتمت بإبراز البطولات الفردية للشهداء، ولم تنشر أو تتحدّث بوضوح عن خسائرها، وتجاهلت مسألة الأسرى في صفوفها، وركّزت على تفرد دورها في المعركة، وبإبراز نزاعها مع قيادة الجبهة الشعبية بشأن الانسحاب من الكرامة لأسباب فصائلية.
نخلص مما سبق إلى أن ثمّة تجاهلا متبادلا من كلا الطرفين لدور الآخر، وصل أحيانًا إلى حد محاولة تقزيم هذا الدور والتقليل من آثاره، أو اعتباره ناجمًا عن بعض البطولات الفردية لعناصر من المقاومة قاتلت في بلدة الكرامة، أو خروجًا من ضباط في الجيش على تعليمات قيادته، ما حال دون الوصول إلى رواية كاملة لحقيقة ما جرى في هذه المعركة الخالدة التي يفتخر بها كل أردني وفلسطيني وعربي. ففُقدت الرواية الحقيقية في أروقة الخلاف والنزاع السياسي، وتكرّر ما قاله رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق الفريق عبد المنعم رياض عن حرب حزيران "إن السياسة العربية جنت على العسكرية العربية".
لم يُستثمر الانتصار الكبير في الكرامة كما يجب. وبعد المعركة، عُرفت حركة فتح بما سُمي بـ"تنظيم الباص"، إذ كان يكفي أن تقف حافلةٌ في أحد ميادين عمّان لينادي المنادي "على الكرامة" لتمتلئ في غضون دقائق بعشرات الشباب المندفعين للالتحاق بالعمل الفدائي من دون سابق إعداد أو تأهيل، ما ترتبت عليه حالة من الترهل في جسم العمل الفدائي الذي بدأ ينازع السلطات في الأردن على اختصاصاتها، فنشأت حالة من ازدواجية السلطة دفعت عدنان أبو عودة الذي كان يعمل محللًا سياسيًا في دائرة المخابرات العامة الأردنية إلى تحذير الملك حسين من أن "عرشه سيهتز خلال سنتين". وبدلًا من حالة التلاحم مع الجيش الأردني، بدأت بوادر النزاع في الظهور، واستغلّ النظام الرسمي العربي المد الجماهيري الذي حظيت به المقاومة الفلسطينية، فاصطنع كل نظام منظمته "الفدائية" التي تنامت أعدادها كالفطر.
لا تتحمّل المعركة النتائج السلبية التي ظهرت بعدها، فهذه مسؤولية من كان يضطلع بالقيادة، كما هي مسؤولية النظام العربي الرسمي في طريقة تعاطيه مع العمل الفدائي، لكن معركة الكرامة حققت إنجازين لا يمكن إنكارهما، فقد أعادت الاعتبار للمقاتل العربي في كل مكان، كما أنها شكلت الانطلاقة الحقيقية للعمل الفدائي، لكنه انتصارٌ لم نتمكن من البناء عليه وتطويره، ولا حتى تمكنّا من رواية قصته الحقيقية كاملة، أو حفظنا مآثر أبطاله وجنوده المجهولين في كل من الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية.
* كاتب وباحث فلسطيني
** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "دار الحيـــاة"