قال السفير الأمريكي الأسبق لدى إسرائيل، مارتن إنديك، إن الرئيس المصري الراحل أنور السادات، أرسل مستشاره للأمن القومي إلى واشنطن؛ للقاء وزير الخارجية هنري كيسنجر، وطرح مبادرة سلام بعيدة المدى عقب حرب أكتوبر 1973، حيث تبنى كيسنجر هذه المبادرة ودفع بها، مشيرًا إلى أن غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك لعبت دورًا كبيرًا في منع هذه المبادرة.
وأضاف إنديك - بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية - : "أن كيسنجر لم يكن يسعى في هذا الواقع إلى السلام بين إسرائيل ومصر، كانت عملية السلام التي بدأها تهدف إلى تثبيت النظام الذي يهيمن عليه الأمريكيون في المنطقة، والذي كان، من وجهة نظره، أكثر أهمية لأنه نظر إلى السلام بتشكك كبير، من تجربته الخاصة في الاسترضاء قبل الحرب العالمية الثانية، وخبرته الخاصة في دراسة التاريخ".
اقرأ ايضا: بايدن: وقف النار بين إسرائيل ولبنان سيبدأ غدًا.. وندفع نحو اتفاق في غزة الأيام المقبلة
وأشار إلى أن كيسنجر أقنع الحكومة الإسرائيلية بمقايضة أجزاء من الأراضي المحتلة عام 1967 مع الوقت، وأكد كيسنجر لهم أنه حان الوقت لإرهاق العرب، ولجعلهم يقبلون إسرائيل والاستعداد للعيش بسلام معها.
وكشف إنديك، عن أن الفرصة التي فوتها كيسنجر في عام 1974، بعد أن تفاوض على اتفاقية فك الارتباط بين إسرائيل ومصر، للتفاوض على اتفاقية فك الارتباط بين إسرائيل والأردن، والتي كانت ستعيد الأردن مرة أخرى إلى الضفة الغربية، وأوجد إطار عمل لحل القضية الفلسطينية في سياق أردني.
وقال إنديك: "كان الأردنيون حريصين للغاية على استعادة موطئ قدم لهم في الضفة الغربية، والإسرائيليون أولاً وقبل كل شيء، كانت إسرائيل حريصة على التعامل مع ملك الأردن، وأجروا سلسلة من المفاوضات السرية، وتم إبلاغ كيسنجر بهذه المفاوضات، لكنه لم يشارك فيها، حيث كان يركز على إخراج مصر من الصراع مع إسرائيل، كان تركيزه على النظام المصري، كان ذلك بمثابة حجر الأساس للنظام الذي أنشأه بقيادة الولايات المتحدة، معتبرًا خروج مصر من الصراع لن يمكن الدول العربية من أن تشن حربًا".
وأكد إنديك، أنه بعد مرور خمسين سنة حدث ما تنبأ به كيسنجر، وهو أن الدول العربية قبلت في النهاية بإسرائيل، ووقعت اتفاقيات إبراهام، والتي تعتبر هي الإنجاز النهائي لذلك، فعندما برر الإماراتيون الاعتراف بإسرائيل، قالوا إنهم مرهقون من الصراع.
وقال إنديك إن كيسنجر كان دائم القول إن إسرائيل ليس لديها سياسة خارجية، هناك سياسة داخلية فقط، مشيرًا إلى أن إعلان إسرائيل بناء واسع النطاق في المستوطنات، تجاوز ما يمكن للإدارة الأمريكية أن تقبله، مؤكدًا أن إدارة بايدن لا تريد الدخول في معركة بشأن المستوطنات، مضيفًا أن إدارة بايدن "لديها سمكة أكبر بكثير لتقليها وهي تغير المناخ، الصين، روسيا، جدول الأعمال المحلي، مصالحهم في المنطقة بشكل عام وفي إسرائيل بشكل خاص، وتريد أن تهدأ الأمور حتى يتمكنوا من التركيز في مكان آخر".
الجدير بالذكر أن إنديك كان زميلًا متميزًا في مجلس العلاقات الخارجية وسفير أمريكي سابق لدى إسرائيل، ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ومساعد خاص للرئيس الأمريكي كلينتون، وشغل منصب المبعوث الخاص للرئيس باراك أوباما للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية من يوليو 2013 إلى يونيو 2014.
اقرأ ايضا: "فيتو" أمريكي جديد ضد قرار من مجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار في غزة
يشار إلى أن كيسنجر وثق كل شيء، كل مكالمة هاتفية، كل محادثة، كل اجتماع، وقد تم رفع السرية عن 95% من ذلك، وأن مارتن إنديك أجرى مقابلة مع كيسنجر حوالي 12 مرة من أجل كتاب "سيد اللعبة".