لماذا تلجأ مصر وتركيا للسلاح الروسي رغم معارضة "الشريك الأميركي"؟

مشاركة
منظومة دفاعية روسية تثير أزمة بين تركيا وأمريكا منظومة دفاعية روسية تثير أزمة بين تركيا وأمريكا
واشنطن - دار الحياة 03:25 ص، 14 فبراير 2021

في غضون خمسة أشهر تحول التعامل التركي تجاه معارضة الولايات المتحدة استخدام أنقرة نظام إس-400 الروسي من "لا نهتم بموقف أميركا" كما جاء على لسان الرئيس رجب طيب إردوغان في أكتوبر الماضي، إلى مبادرة من وزير الدفاع خلوصي أكار لتجميد المنظومة وتحسين العلاقات مع واشنطن في فبراير الحالي.

 

ورفضت واشنطن مبادرة تركيا، شريكتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما ردت على تصريحات إردوغان اللامبالية بعقوبات استهدفت هيئة الصناعات الدفاعية ورئيسها وثلاثة موظفين آخرين، وإبعاد أنقرة عن برنامج إنتاج الطائرة إف-35 التي كانت تركيا تطمح بالحصول عليها قبل المنظومة الروسية.

 

وكانت العقوبات على تركيا بمثابة تنبيه لدول أخرى في المنطقة حليفة لأميركا لكنها تلجأ لشراء أسلحة ومعدات روسية، ومن بين هذه الدول مصر التي حذرها مسؤول أميركي، في نوفمبر 2019، من صفقة مقاتلات سوخوي روسية، قائلا: "القاهرة على دراية بتلك المخاطر".

 

وتقول الولايات المتحدة إن استخدام مقاتلات سوخوي وأنظمة عسكرية روسية أخرى يشكل تهديدا على قدرة البلد في العمل بشكل مشترك مع جيوش الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي.

 

وبعدما شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا تقلّبات في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، تبدو متوتّرة في ظلّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكن المواجهة قد تزداد حدّة بين الدولتين مع أنهما حليفتان.

 

وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على دخوله البيت الأبيض، لم يتصل بايدن بإردوغان حتى الآن. كما أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لم يتصل بنظيره التركي مولود تشاوش أوغلو.

 

ومن المؤكد أن الحوار بين واشنطن وأنقرة لم يكن بأفضل حالاته خلال السنوات الأربع الماضية، وقد شهد أزمات حادة وغير مسبوقة.

 

وقال الباحث غاليب دالاي في مقال نشره معهد بروكينغز للأبحاث، إن الرئيس الأميركي السابق "حمى تركيا من العديد من الإجراءات العقابية المحتملة"، لكنه عندما قرر في نهاية ولايته معاقبة تركيا لحيازتها صواريخ إس-400 الروسية وفق ما يقتضي القانون الأميركي، فعل ذلك بعد مقاومة طويلة.

 

أثار بلينكن اهتمام العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين خلال جلسة تثبيته في منصب وزير الخارجية من خلال حديثه عن تركيا باعتبارها "شريكا استراتيجيا مزعوما لا يتصرف في نواح كثيرة كحليف". 

 

وقال أيمن سلامة، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية: "تركيا لم تكن ساذجة عندما أبرمت الصفقة مع روسيا، العدو اللدود للولايات المتحدة ولحلف الأطلسي، وبدهاء تلقت بالفعل منظومة إس-400

".

وأضاف سلامة: "حتى هذه اللحظة لم تذعن تركيا للتهديدات ولا حتى العقوبات، وكانت تدرك أنها تتمتع بمزايا جيوسياسية وعسكرية، لا تحظى بها أي دولة أخرى في حلف الناتو، وهي تدرك تماما أن معاهدة الحلف لا تتضمن تعليق أو طرد أي دولة من الناتو بسبب صفقتها مع روسيا".

 

وفيما يتعلق بمصر، قال: "لا يمكن المقارنة بين مصر وتركيا، فمصر لا ترتبط بمعاهدة دولية بالولايات المتحدة أو دول الناتو".

 

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أبلغ إردوغان، في 2019، بأنه يتعين إما تدمير منظومة إس-400 أو تفكيكها أو إعادتها لروسيا من أجل أن تحافظ أنقرة وواشنطن على علاقتهما.

 

وفي هذا الإطار يقول الخبير الاستراتيجي جواد غوك، إن الحكومة التركية قالت إنها طلبت من واشنطن تزويدها بمنظومة باتريوت الأميركية للدفاع الصاروخي لكنها رفضت، وبذلك كانت أنقرة "مجبرة على طلب إس-400 من روسيا كبديل رغم التهديدات الأميركية".

 

وفي محاولة لتحسين العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة، قال وزير الدفاع التركي، إن أنقرة ستقترح فقط تنشيطا جزئيا للمنظومة خلال المفاوضات مع واشنطن.

وأضاف أكار أنه ليس ضروريا أن تظل الصواريخ إس-400 نشطة طول الوقت، بل يمكن تشغيلها مثلما تشغل اليونان، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي أيضا، الصواريخ إس-300

.

" وردا على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن صواريخ "إس-400 الروسية لا تتوافق مع عتاد حلف شمال الأطلسي، وتهدد الأمن التكنولوجي للحلف، ولا تتسق مع التزامات تركيا كحليف بالناتو". 

 

وكانت مصر أيضا وقعت اتفاقية مع روسيا بقيمة ملياري دولار لشراء أكثر من 20 طائرة مقاتلة من طراز سوخوي-35.

 

وتقدم الولايات المتحدة منذ سنوات مساعدات اقتصادية وعسكرية بمليارات الدولارات لمصر التي يستخدم جيشها طائرات إف-16 الأميركية.

 

وفي هذا الإطار، يقول سلامة إن الولايات المتحدة ملتزمة بهذه المساعدات بموجب تعهدات دولية طالما أن مصر ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل المبرمة عام 1979، بما تشمله من تحديد التواجد العسكري الكمي والنوعي للجيشين المصري والإسرائيلي.

 

وفي ديسمبر الماضي، عارض  ترامب الموافقة على المعونات التي يتضمنها مشروع قانون المساعدات لدول أخرى، قائلا إن هذه الأموال يجب أن تعطى للأميركيين الذين يعانون.

 

وأضاف في رسالة فيديو نُشرت على تويتر: "يحتوي هذا المشروع على 1.3 مليار دولار لمصر والجيش المصري، ستُنفق على شراء معدات عسكرية روسية بشكل شبه حصري".

 

وبعدما مضت أنقرة قدما في صفقة لشراء منظومة إس-400 الدفاعية الروسية، أبعدت الولايات المتحدة تركيا عن برنامج إنتاج الطائرة إف-35 التي كانت تركيا من الصناع فيها والمشترين لها.

 

وبموجب نظام العقوبات، فرض ترامب عقوبات على تركيا، في ديسمبر الماضي، بسبب شراء هذه المنظومة الدفاعية، ونددت أنقرة بالقرار.

 

واستهدفت العقوبات هيئة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها إسماعيل دمير وثلاثة موظفين آخرين بعد شراء الهيئة منظومة إس-400

.

وكان يمكن لواشنطن فرض عقوبات على مصر، بموجب قانون مواجهة خصوم أميركا من خلال العقوبات (كاتسا) الذي يستهدف المشتريات العسكرية من روسيا. لكن ذلك لم يحدث.

 

وقال خبراء إن الخطوة المصرية لشراء الطائرات الروسية جاءت "بعد رفض واشنطن طلبا من القاهرة ببيعها طائرات إف-35، حيث تتخوف أمريكا من كسر توازنات القوة بين الدول العربية وإسرائيل. هي تسعى للحفاظ على التفوق الإسرائيلي في المنطقة".

 

كما تتخوف واشنطن من احتمال تسرب تكنولوجيا هذه الأسلحة إلى موسكو، على اعتبار أن بعضا من هذه الدول مثل مصر تمتلك علاقات قوية مع روسيا، وهناك مجالات للتعاون العسكري بينهما ضمن هذه العلاقات.

 

المصدر : الحرة