ملاحظات سريعة على المصالحة الخليجية

مشاركة
* سليمان نمر 04:34 م، 05 يناير 2021

إعلان المملكة العربية السعودية فتح مجالها الجوي وحدودها البرية والبحرية أمام قطر عشية انعقاد القمة الخليجية الحادية والأربعين التي تستضيفها المملكة اليوم الثلاثاء يشير إلى أن السعودية هي التي لها المصلحة  الأقوى بتحقيق المصالحة مع قطر.

 ووفق المعلومات  المتوفرة خليجيا فإن الرياض هي التي دفعت من أجل تجديد الوساطة لتحقيق المصالحة وطلبت من الرئيس ترامب الراحل قريبا التدخل والضغط على الدوحة للقبول بالمصالحة الأمر الذي دعا الأخيرة أن تشترط وقف حصارها أولا وهذا ما تم.

وهذا يدفع للتساؤل لماذا غيرت المملكة موقفها المتشدد العادي لقطر وجعلها تبدو أنها تنازلت عن شروطها وحلفائها بمقاطعة قطر (الامارات والبحرين ومصر)؟ .

يبدو حاليا أن العاصمة السعودية تعمل على ترتيب أوراقها وأوضاعها للتعامل مع الرئيس الأميركي جو بايدن القادم للبيت الابيض بعد نحو أسبوعين .

ولاشك أن علاقة قطر مع الادارة الاميركية الجديدة ستكون الأفضل بكثير من علاقتها مع الرئيس المغادر بعد أسبوعين دونالد ترامب .

وطبعا الرياض لا تريد أن تنسج قطر علاقات مع الادارة الاميركية الجديدة على حسابها وهذا ما سيتم لو بقي خلافها مع الدوحة ، بل قد تريد الرياض أن تصبح قطر جسرا لها نحو الرئيس بايدن مثلما فعلت دولة الامارات بعد فوز الرئيس دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الاميركية قبل أربع سنوات حيث كانت جسرا عبر عليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نحو الرئيس ترامب .

السعودية تؤمن بأن المصالح الاميركية الاستراتيجية مع المملكة تجعل واشنطن لا تستغني عنها وعن استمرار العلاقات الاستراتيجية معها حتى ولو كانت أي ادارة أميركية “غير ودودة” تجاه الرياض ، وهذا ما أكدت عليه التصريحات السعودية المسؤولة بعد التيقن من خسارة الرئيس ترامب وفوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية.

ولكن الرياض تعلم ان الادارة الاميركية الجديدة والرئيس بايدن وكبار مسؤولي الحزب الديمقراطي لا ينظرون بـ ”ود” تجاه ولي العهد السعودي لاسيما انه كانت له علاقات شخصية وطيدة مع الرئيس ترامب ، وتعلم الرياض ان الحزب الديمقراطي هو الذي تبنى الضجة بشأن جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقحي بمبنى القنصلية السعودية في اسطنبول قبل أكثر من عامين ، وان قادة الحزب الديمقراطي هم من يثيروا قضايا المعتقلين السياسيين وحقوق الانسان في المملكة .                                      

ولذا تخشى الرياض من أن علاقاتها ستكون صعبة مع الإدارة الاميركية الجديدة. ولاسيما أن هذه الادارة أعلنت أنها ستعيد العمل بالاتفاق النووي مع ايران – الذي رحبت الرياض بإلغاء الرئيس ترامب له – وهذا الأمر طبعا يقلق المملكة لأنه يعني إعادة فتح الأبواب الأميركية أمام ايران للخروج من الحصار الذي فرضه عليها الرئيس ترامب 

لذا لاحظنا أن السعودية أعلنت أنها تود المشاركة بالمفاوضات التي ستعقدها ادارة الرئيس الاميركي الجديد مع إيران بشأن شروط جديدة للإتفاق النووي . 

وبالنسبة لقضايا المعتقلين الحقوقيين وحقوق الانسان لوحظ أن الرياض تستعجل الانتهاء من هذه القضايا من خلال إنهاء محاكمة بعضهم (احمد فتيحي ولجين الهذلول) وهما اكثر اثنين من معتقلي حقوق الانسان اثيرت حول اعتقالهما ضجة اميركية ، وستواصل الانتهاء من محاكمة الباقيين قريبا او الافراج عنهم .

ونعتقد أن ترتيب السعودية المصالحة مع قطر تأتي في اطار اعادة السعودية لترتيب أوراقها لبناء علاقات جيدة مع الرئيس الاميركي القادم للبيت الابيض وادارته .

ويرى مراقبون سياسيون في المنطقة الخليجية أن لهذه المصالحة أهداف اميركية اخرى وهي استكمال الترتيبات لشن ضربة عسكرية “موجعة” ضد ايران ، ومن أجل ذلك ضغط الرئيس ترامب لتحقيق هذه المصالحة ، فالحلف الاميركي الخليجي لضرب ايران الذي يتوقع أن يتم قبل انتهاء الاسبوعين المقبلين – سيكون ناقصا بعدم وجود قطر فيه .

ويرى هؤلاء المراقبون ان للسعودية ودولة الامارات والبحرين مصلحة في ذلك ومن هنا نجد السبب الحقيقي لمشاركة مبعوث الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنر في حفل التوقيع على المصالحة الخليجية التي كان للكويت الدور الافضل والاكبر فيها منذ ان نشبت الازمة في شهر حزيران يونيو 2017، فاشراك مبعوث الرئيس الاميركي وصهره جاريد كوشنر في حفل التوقيع على اتفاق المصالحة تريد منه واشنطن تأكيد هيمنتها على القرار الخليجي وتأكيد التحالف الاميركي الخليجي الذي قد يكون لضرب ايران عسكريا . 

*  كاتب صحفي عربي متخصص في الشؤون الخليجية

** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "دار الحياة"