حَمَل الرئيس اللبناني، ميشال عون، رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، الذي يرجح أن يكلف غدا بتشكيل حكومة جديدة، من دون أن يسميه، مسؤولية معالجة الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح، متهما القوى السياسية بالتسبب بالأزمة التي آلت اليها البلاد.
ويجري عون الخميس استشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة جديد، يرجح أن يكون الحريري، بعد أن أعلنت غالبية من النواب تأييدها لتسميته، علما بأن الحريري كان يترأس الحكومة التي أجبرت على الاستقالة منذ أكثر من سنة تحت ضغط الشارع الذي انتفض ضد كل الطبقة السياسية، مطالبا برحيلها تحت شعار "كلن يعني كلن".
اقرأ ايضا: العراق "غير مرتاح" من تصريحات رئيس لبنان عن "الحشد الشعبي"
وتوجه عون في كلمة، نقلتها بعض محطات التلفزة من القصر الرئاسي، إلى النواب بالقول "أملي أن تفكروا جيدا بآثار التكليف على التأليف، وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدولية، لأن الوضع المتردي الحالي لا يمكن أن يستمر بعد اليوم"، لافتا إلى الأعباء المتراكمة والمتصاعدة على كاهل المواطنين.
وأضاف: "هذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانيّة باسم الشعب الذي تمثّلون... قلت كلمتي ولن أمشي، بل سأظلّ على العهد والوعد، وسأبقى أتحمل مسؤولياتي في التكليف والتأليف، وفي كل موقف وموقع دستوري، وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة".
وأضاف: "اليوم مطلوب مني أن أكلف ثم أشارك في التأليف، عملا بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح؟".
ويعارض التيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، لكن غالبية نواب الطائفة السنية التي ينتمي إليها الحريري، ونوابا آخرين أعلنوا أنهم سيسمونه.
ولم يعلن حزب الله موقفه من تسمية الحريري، لكن المحللين السياسيين يؤكدون أنه راض بتسميته، بدليل إعلان أبرز حلفائه، حركة أمل، بزعامة رئيس البرلمان، نبيه بري، تأييد الحريري لرئاسة الحكومة.
وخرجت في 17 تشرين أكتوبر 2019 تظاهرات شعبية غير مسبوقة في لبنان استمرت أشهرا، ودفعت حكومة الحريري إلى الاستقالة بعد أسابيع. وحمل اللبنانيون في "ثورتهم" المسؤولين السياسيين الذين يحكمون لبنان منذ عقود مسؤولية التدهور الاقتصادي والمعيشي بسبب تفشي الفساد والصفقات والإهمال واستغلال النفوذ.
وفي 15 يناير 2020، تسلمت حكومة من اختصاصيين برئاسة، حسان دياب، السلطة لمدة سبعة أشهر، لكنها لم تنجح في إطلاق أي إصلاح بسبب تحكم القوى السياسية بها.
وفي أغسطس، تدخل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للمساعدة في حل الأزمة وزار لبنان مرة أولى ثم مرة ثانية في سبتمبر. وانتهت الزيارة الثانية بالإعلان عن مبادرة قال إن كل القوى السياسية وافقت عليها، ونصت على تشكيل حكومة تتولى الإصلاح بموجب برنامج محدد، مقابل حصولها على مساعدة مالية من المجتمع الدولي.
لكن القوى السياسية فشلت في ترجمة تعهداتها ولم ينجح السفير مصطفى أديب الذي سمي لتشكيل الحكومة بتأليفها بسب الانقسامات السياسية.
وبعد اعتذار أديب، منح ماكرون في 27 سبتمبر مهلة جديدة للقوى السياسية من "أربعة إلى ستة أسابيع" لتشكيل حكومة، متهما الطبقة السياسية بـ "الخيانة الجماعية".
ويبدو واضحا أن عودة الحريري إلى ترؤس الحكومة يندرج ضمن المبادرة الفرنسية.
وأعلن الحريري أخيرا أنه مرشح لرئاسة الحكومة ضمن ثوابت المبادرة الفرنسية. وقال إنه يعتزم تشكيل حكومة اختصاصيين تضع خلال ستة أشهر الإصلاحات على طريق التنفيذ.
واتهم عون اليوم قوى سياسية من دون أن يسميها بعرقلة مساعي الإصلاح، وآخرها التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. وقال: "حين حملت مشروع التغيير والإصلاح في محاولة لإنقاذ الوطن، رفع المتضررون المتاريس بوجهي"، مضيفا "الإصلاح بقي مجرد شعار يكرره المسؤولون والسياسيون وهم يضمرون عكسه تماما".
ويتعرض عون لحملة عنيفة من شريحة واسعة من اللبنانيين الذين يضعونه في مصاف كل السياسيين العاجزين والعاملين من أجل مصالحهم الخاصة.
ويتوقع أن تثير تسمية الحريري غضب المحتجين.