تتسارع الأحداث الميدانية في ليبيا لتدفع في اتجاه اندلاع مواجهة إقليمية بين مصر وتركيا، اللتين تساندان طرفي الصراع الليبي.
القاهرة التي تؤيد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تبني سياساتها الإقليمة على مساندة الجيوش الوطنية والمؤسسات الرسمية، ولا تتعامل مع جماعات أو قوى مُسلحة في أي من البؤر الساخنة، ومن هنا تقف بقوة خلف الجيش الوطني، الذي استطاع طرد تنظيم "داعش" وخلايا "القاعدة" من شرق ليبيا، ومن ثم تهدئة المنطقة الحدودية مع مصر، المترامية على مسافة 1200 كيلومتر، والتي ظلت على مدى سنوات منفذا لتسلل إرهابيين نفذوا هجمات دامية في المنطقة الغربية في مصر.
أما أنقرة فسياساتها في ليبيا لا تنفصل عن نهجها في المنطقة من دعم قوى للإسلام السياسي، لذا تؤيد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، المتحالفة مع قوى وجماعات إسلامية في ليبيا، وتقول بأن حكومة فايز السراج هي الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا، ومن ثم فهي تقف في صف الشرعية.
هذا التباين السياسي لم يكن مُضرا قبل أن يتحول إلى اصطفاف عسكري، لاحت بوادره في الأفق مع بدايات العام الجاري، في ظل تقدم قوات حفتر في اتجاه طرابلس، قبل أن تدفع تركيا، حسب تقارير دولية عدة، بمرتزقة من سوريا وتُرسل خبراء عسكريين وأسلحة وبوارج حربية لدعم السراج، ومع تراجع حفتر زادت آمال تركيا وحكومة السراج بالسيطرة على الهلال النفطي في شرق ليبيا، ما اضطر مصر للإعلان صراحة عن أنها ستتدخل عسكريا في ليبيا لو تخطت قوات الوفاق خط "سرت - الجفرة".
ونالت الخطوة المصرية تأييدا من المجلس التشريعي المُنتخب في طبرق، والجيش الوطني في بنغازي، وقبائل عدة في ليبيا.
ومع حشد تركيا وحكومة السراج قواتهما للتقدم باتجاه سرت، أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر حضره ممثلو القبائل الليبية، رسائل واضحة، أكد خلالها أن القاهرة قادرة على تغيير المعادلة العسكرية في ليبيا، وأن الجيش المصري سيتدخل في ليبيا بطلب من الليبيين وسيحارب تحت العلم الليبي، وسيخرج بأمر من أهل ليبيا.
هنا بات التدخل قريبا، والمواجهة مرتقبة، لكن يبقى السؤال، لو بدأت تلك الحرب فكيف ستنتهي؟. يرى الخبير العسكري المصري اللواء محمود زاهر أن الأطراف المتصارعة يُمكن أن تتخذ قرار بدء الحرب، لكن قرار إنهائها لن يكون بيدها.
وقال زاهر، في تصريحات تلفزيونية:"إن البوارج الحربية المصرية ترصد بدقة التحركات على الساحل الليبي في المتوسط، وفي حال أقدمت البحرية الليبية على قصف سرت، أو لو اتخذت حتى الوضع الهجومي، فيجب أن تُدمر فورا، وعلى القاهرة ألا تأمن أي تحرك من أية دولة في المتوسط، في ظل انضمام تركيا إلى حلف الناتو، ورهانها على هذا الحلف".
و أشار إلى أن بُعد تركيا جغرافيا عن ليبيا، سيفرض عليها تحديا كبيرا فيما يخص نقل القوات، لكن برما تراهن على قوات موجودة بالفعل في المنطقة، حتى لو تتبع دولة أخرى، وتلك الأمور كلها قيد التحليل في أجهزة الاستخبارات، مشددا على أن مصر طالما قررت خوض حرب لحماية أمنها القومي، فسوف تتعامل معها على أنها حرب.