نعالج عشرة مسائل حاسمة على الاقل فى قضية سد النهضة حتى يمكن فهم جوانب الموضوع فى صورة سؤال و جواب.
السؤال الاول: أليس من حق اثيوبيا ان تبنى سد النهضة اذا كان له عائد اقتصادى وتنموى؟
الإجابة: نعم، من حق اثيوبيا ان تبنى سد النهضة ولكن بالاتفاق مع دولة المصب و ضمان الا يكون السد -مهما كانت مزاياه لاثيوبيا – اعتداءا على الحقوق القانونية لدولة المصب.
السؤال الثانى: لماذا اختارت اثيوبيا النيل الأزرق لتبنى عليه سد النهضة رغم وجود انهار دولية و محلية و بحيرات عديدة، و بهذه المواصفات التى تهدد وجود مصر ؟
الاجابة: قرار اثيوبيا يتستر بالكهرباء و التنمية ولكن اختيار النيل الازرق مقصود بهدف الاضرار الجسيم بمصر لأن85% من حصة مصر من المياه مصدرها النيل الأزرق كما اختارت اثيوبيا بناء السد فى اطراف حدودها قرب الحدود مع السودان الجنوبى حتى اذا انهار السد يضر بالسودان و مصر بعيدا عن اثيوبيا.
السؤال الثالث: هل صحيح ان اثيوبيا اخذت تفويضا من مصر و السودان فى اعلان الخرطوم فى ان تتصرف كما تشاء من طرف واحد ولا تلتفت الى أى مفاوضات أو مقترحات مصرية؟ بعبارة اخرى هل مصر فرطت فى اعلان الخرطوم فى حقوقها لصالح اثيوبيا مقابل حسن نيتها و املها فى عطف اثيوبيا عليها، و ما أهمية تأكيدات اثيوبيا بأنها لن تضر مصر مطلقا؟
الاجابة: اعتمد اعلان الخرطوم على قاعدة لاضرر ولا ضرار و به التزامات قانونية المفروض ان تنفذها اثيوبيا بحسن نية و هو مبدأ اساسى فى القانون الدولى، ولكن اثيوبيا غيرت سلوكها و استغلت حسن النية فى كسب الوقت بالمفاوضات العبثية و لم تصدق مصر حتى الآن ان اثيوبيا كانت تضمر شرا لمصر منذ البداية و لا تريد ان تصدق فلا تستطيع اثيوبيا الزعم بأن اعلان الخرطوم اعطاها الحق فى التصرف من طرف واحد بهذا القدر من التعنت و الصحيح انها انتهكت هذا الاعلان كما انتهكت كافة قواعد القانون الدولى للأنهار الدولية.
السؤال الرابع: هل صحيح ما تزعمه الحكومة الاثيوبية لشعبها بأن مشروع السد هو طريق الخلاص من الفقر و من هيمنة مصر على قرار استخدام مياهها فى اراضيها؟
الاجابة: لمصر حقوق قانونية وفق المعاهدات الدولية منها ثلاثة مع اثيوبيا و كذلك اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالاستخدامات غير الملاحية للمجارى المائية الدولية.
السؤال الخامس: ما هو الهدف الحقيقى لبناء السد و تعليق كل هذه الآمال عليه واعتباره مشروعا قوميا تاريخيا؟
الاجابة: تؤكد الدراسات الدولية حول الجدوى الاقتصادية للسد أنه لا توجد له جدوى اقتصادية و أنه لن يخدم التنمية فى اثيوبيا لأن الاستفادة منه فى تصدير الكهرباء تقصر عنها موارد اثيوبيا كما ان هدف السد و مواصفاته الفنية حتى اخفتها اثيوبيا عن مصر و السودان تجعل سقوطه محتملا و ضرر بنائه و سقوطه مؤكد. فالهدف الحقيقى لبناء السد هو الاضرار بمصر و خداعها و استعداء الشعب الاثيوبى عليها و حشد الشعب خلف الحكومة فى الاضرار بمصر تحت ستار التحرر من الهيمنة المائية المصرية المزعومة، و اثيوبيا تعلم جيدا ان النيل هو مصدر المياه الوحيد لمصر و ان قطع المياه عنه يعنى ابادة الشعب المصرى و اختفاء مصر من الخريطة.
السؤال السادس: هل ادركت مصر من البداية نوايا اثيوبيا و لماذا استمرت فى مفاوضات تعلم انها تكسب اثيوبيا وقتا لكى تستكمل بناء السد و البدء فى ملئه حتى قبل الاتفاق مع مصر و هل هددت مصر اثيوبيا حتى ترتفع نبرة تصعيد القيادات العسكرية فى اثيوبيا بتهديد مصر؟
الاجابة: لابد ان الحكومة المصرية ادركت نوايا اثيوبيا من ادلة كثيرة منها انها رفضت التعاون فى الدراسات الفنية لتقييم اضرار السد، و منها انها ابقت كل ما يتعلق بالسد سرا و لم تخطر مصر او تطلب موافقتها حسبما يلزمها القانون الدولى، بل تعتبر طلب الموافقة انتقاصا لسيادتها. ولم تهدد مصر اثيوبيا بل كظمت غيظها
السؤال السابع: هل لاثيوبيا الحق فى اراضيها و مياه النيل التى تغذى بها النيل فى ان تستخدم ما تشاء و بالطريقة التى تشاء و اذا بقى شئ يمكن اطلاقه الى دولة المصب؟
الاجابة: القاعدة فى القانون الدولى ان الدولة حرة داخل حدودها بشرط ألا تسبب ضررا لغيرها. أما نهر النيل فهو نهر دولى تحكمه قواعد القانون الدولى كما تلتزم اثيوبيا بالتزامات محددة فى اتفاقات محددة بألا تبنى مشروعات على اعالى النيل بحيث تؤثر على كمية المياه الواصلة الى مصر و هذه الاتفاقات كانت اثيوبيا فيها دولة مستقلة و لم تكن هذه الاتفاقات استعمارية كما تزعم اثيوبيا. ثم ان القانون الدولى للأنهار الدولية لا يخص دولة المنبع بميزات تفوق تلك الممنوحة لدولة المصب و ألزم دولة المنبع بالاخطار عن مشاريعها المائية التى قد تؤثر على دولة المصب، و الاتفاق معها، وليس من حق دولة المنبع فرض الأمر الواقع الضار على دولة المصب. ثم أن اثيوبيا لم تحترم مبدأ حسن النية فى كل ما يتعلق بالسد سواء بالإخطار أو بالتشاور أو بالتفاوض للتوصل الى اتفاق حول بناء السد وضمانات سلامته و حول ملئه.
السؤال الثامن: هل ضرر السد محقق أم أنها مبالغة مصرية كما تزعم اثيوبيا و هل تستولى مصر على معظم مياه النيل حقا و هل اثيوبيا التى تسقط الامطار عليها و تسهم بمعظم مياه النيل الواصلة الى مصر لها الحق فى الاستفادة بمياهها على الوجه الذى تريد؟
الاجابة: تشير الدراسات الى أن أى خفض فى حصة مصر يؤدى الى ضرر بالغ لأن حصة مصر هى الحد الأدنى خاصة و أن مصر بهذه الحصة دخلت مرحلة الفقر المائى مع تزايد السكان و الاحتياجات المنزلية و الزراعية و الصناعية و لا شك أن السد بهذه المواصفات يؤدى الى حرمان مصر من معظم حصتها مما يسبب ضررا بالغا بالزراعة و المزارعين و بالسد العالى و بأختصار يؤدى الى فناء مصر و لو قارنا مكاسب اثيوبيا بضرر مصر نجد أنه لا يجوز مطلقا افناء مصر لقاء أى مكاسب خاصة اذا ادركنا ان المكاسب سياسية فى علاقة الشعب بالحكومة و انه لا جدوى اقتصادية مؤكدة لهذا السد. نعم تحصل مصر على معظم مياه النيل لسبب بسيط و هو ان اثيوبيا لديها موارد مائية هائلة مقابل مصر التى ليس لديها اى بديل عن نهر النيل و حتى المياه الجوفية تعتمد على هذا النهر. و المهم ان مصر تحصل على المياه التى تصل اليها ولا تنتزع هذه المياه من اثيوبيا. و ليس لدولة المنبع ميزة بسبب وقوعها فى المنبع فهذا وضع جغرافى لا تتميز به على دولة المصب.
السؤال التاسع: هل صحيح ان مجلس الأمن كما تزعم اثيوبيا لا دور له فى النزاع المصرى الاثيوبى؟
الاجابة: اذا طلبت مصر تدخل مجلس الأمن بسبب اصرار اثيوبيا على جريمة ابادة الشعب المصرى عبر امتهان القانون الدولى فان هذه الجريمة تهدد السلم و الأمن الدولى و هو صلب اختصاص مجلس الأمن، و يكون الطلب المصرى قائما على أساس قانونى سواء طلبت عقد المجلس أو احاطت رئيسه بما يلزم.
السؤال العاشر: ما هو الاجراء الذى يوقف ملء السد قبل ان تتفق الدول الثلاث على ذلك؟
الاجابة: لجوء مصر الى تدويل المشكلة و خاصة عرضها على محكمة العدل الدولية طلبا لاجراء تحفظى عاجل و هو وقف ملء السد لحين البت فى صلب النزاع.
* نائب وزير الخارجية المصري السابق
** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "دار الحياة"