غزة ونحن، حلقة مفرغة يجب كسرها.. هآرتس

مشاركة
حرب غزة حرب غزة
04:11 م، 18 مارس 2019

في نهاية اربع سنوات ونصف بعد ذلك الصيف في غزة، شخصية راني هي التي وجدت اخيرا في الفصل الختامي لمسلسل "منى" (كان 11)، الكلمات الدقيقة التي قالها لينيف: "انتم لم تدخلوا في أي يوم حقا هناك. وكذلك لن تخرجوا حقا". انتم هناك وغزة هنا. مثل كابوسكم. كابوس لنا جميعا. في الحقيقة هذا لم يبدأ في أي وقت ولم ينته حقا. هذه حلقة مفرغة فرضت علينا.

في ذاك الصيف في غزة قتلنا بالصواريخ والقنابل الذكية والقنابل الغبية اكثر من 500 من اطفالهم. منذ ذلك الحين الى أين سنقود الرعب؟ شبح رنين عبد الغفور ابنة السنة وشبح محمد النواصرة ابن السنتين – اللذان قتلا في 9 نيسان 2014 في اليوم الثاني للعملية في هجمات مختلفة من الجو – يحلقان في الوعي، ايضا هناك وكذلك هنا. يامن الحميدي ابن الاربع سنوات اصيب في هجوم آخر في 13 تموز، وتوفي متأثرا بجراحه بعد اسبوع. وفي قصف في بني سهيلة في 20 تموز قتلنا 18 طفل من ابناء نفس العائلة الممتدة، عائلة أبو جامع. شبح البنت الصغيرة من بينهم، نجود ابنة الخمسة اشهر عند موتها، لا يتركنا. والكثير الكثير.

خلال خمسين يوما قتلنا من اطفالهم 500 طفل ولم نتوقف.

هذا العار لا يمكن دفنه. ولا يوجد مكان نذهب بهذا العار اليه. ليس له بداية ولا نهاية. لقد حل بنا.

الاسرائيليون لا يريدون السماع عن غزة. بالتأكيد لا يريدون الشعور بالذنب فيما يتعلق بها. لقد غادرنا. اذا، حماس هي التي تتحمل مسؤولية كل شيء، كما أن الحكومة تعرف أن تقول من فوق كل منصة، بالاساس في الخارج. هذه دعاية رخيصة – كما يقول راني لينيف، حيث أننا لن نخرج في أي يوم، حتى سجل السكان في غزة نحن نواصل ادارته منذ اكثر من عقد بعد الانفصال. لذلك ايضا اسماء الاطفال من عائلة الريفي – كلهم اصيبوا معا في 21/8 – فان من شطب في نهاية المطاف من سجل السكان اسماءهم كان موظف اسرائيلي. ستة اسماء: احمد ابن الثالثة، مرام ابنة السابعة، عمر ابن التاسعة قتلوا في نفس اليوم. عبد الله ابن الخامسة بقي على قيد الحياة ستة ايام اخرى. زياد ابن التاسعة توفي متأثرا بجراحه بعد خمسة ايام. محمد بقي على قيد الحياة اربع سنوات اخرى وهو مشلول القدمين واليدين ويعيش على التنفس الاصطناعي وقد توفي قبل بضعة اشهر في 3 تشرين الثاني 2018، هو فتى ابن 13 سنة ثلث حياته مر بدون تنفس أو حركة ذاتية ومعتقل داخل جسمه. اشباح اطفال عائلة الريفي بالتأكيد اقلقوا ضابط سجل السكان الاسرائيلي عدة مرات. كل طفل في وقته.

رئيس الحكومة نتنياهو يتفاخر بالانجليزية الفاخرة والقدرة على أن يمثل بواسطتها الدولة في الخارج والدفاع عنها. بانجليزية رائعة وقف نتنياهو في الجمعية العمومية للامم المتحدة في ايلول 2014 واعلن: لا توجد دولة ولا جيش آخر في التاريخ بذلوا جهود اكبر من اجل منع القتل في اوساط السكان المدنيين لعدوهم اكثر منهم. 11 يوم قبل خطاب رئيس الحكومة توفيت متأثرة بجراحها سما العجوز، ابنة السنتين. لقد اصيبت باطلاق نيران دبابة في 20/7 وتوفيت بعد شهرين في مستشفى في الاردن في 18/9. نتنياهو لم يذكر الطفلة سما في خطابه، لكن شبحها حلق فوق اقواله وخاصة عندما لفظ بالانجليزية كلمة "عدو".

لقد مرت اربع سنوات ونصف على ذلك. العار الذي لا يمكن دفنه يواصل التحليق في الوعي، يخرج من اللاوعي بطرق غير متوقعة. اذا لم يكن بصورة تهمة أو مضايقة، اذا ربما على الاقل كربح سياسي. الاشباح تحلق فوق غزة في الدعاية الانتخابية لرئيس الاركان في تلك العملية، الآن هو سياسي مرغوب فيه لاستبدال رئيس الحكومة وكي يعيد لاسرائيل رسميتها. من اجل أن ينتخب يعدون الجثث، اكبر عدد من الجثث، ويعرضون بفخر صورة انقاض من الجو من ارتفاع منخفض. واذا كانت هكذا تبدو الحملة فكيف سيبدو استخدام القوة العسكرية في المستقبل تحت حكومة رسمية.

بعد عدة اسابيع في نهاية الشهر ستكتمل سنة على مسيرات العودة الاسبوعية في كل يوم جمعة على حدود القطاع. اسرائيل لم تدخل قناصيها الى داخل القطاع: النار الحية على المتظاهرين اطلقها القناصة من فوق التلال في الاراضي الاسرائيلية حول القطاع. هكذا بنزيف بطيء ومتواصل، حلقة مفرغة، اضيف اكثر من 6300 مصاب. وكذلك 200 شبح آخر. في جزء من ايام النزيف المتواصل لم يكن الامر بطيء: في يوم فتح السفارة الامريكية في القدس، 14/5/2018، قتل 73 شخص. الاصغر سنا من بينهم هو عز الدين السماك الذي كان عمره 13 سنة، تقريبا في كل حياته القصيرة غزة كانت تحت الحصار.

الاطفال الذين ولدوا في غزة في بداية الحصار الاسرائيلي للقطاع احتفلوا بعيد ميلادهم الـ 11، هذا اذا كانوا قد بقوا احياء بعد الرصاص المصبوب وعمود السحاب والجرف الصامد. بالتأكيد هم وعائلاتهم ايضا يسألون كيف ستكون الامور في المستقبل. مليوني شخص في منطقة محاصرة ومكتظة، الكهرباء تزود بقدر معين والمياه ملوثة. ليس فقط القنابل تقتل اطفال غزة، ايضا المياه الملوثة تسبب ذلك. حقا، بالتأكيد الجدات يتنهدن ويسألن كيف ستبدو الامور في المستقبل.

الاشباح لا تترك راحة للنفس، لكن في الواقع المكتظ لحياتنا يدور الحديث عن حماية الحياة حقا. طالما أن الطائرات بدون طيار تدمر الحياة في غزة جوا وبنار المدفعية ونار القناصة، فان هذه القسوة ستستمر في قتل الجسد هناك وفي ازهاق الروح ايضا هنا. ولكن ليس الى الابد سيتم تدمير حياة مليوني شخص. فقط مخرج من العدل والحرية والحقوق والمساواة سيكسر هذه الحلقة المفرغة. وإلا، كما يقول راني لينيف، هذه الحلقة حقا لن تنتهي في أي يوم.