من رأس الحكمة إلى رأس جميلة.. لهذا تم ضخ المليارات في مصر تزامنًا مع حرب غزة

04:34 م ,07 مارس 2024

أفادت شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية، اليوم الخميس، بأنه في غضون 10 أيام فقط، انتقلت مصر من حافة الكارثة الاقتصادية إلى إطلاق سراح أكثر من 40 مليار دولار من الاستثمارات والقروض من الإمارات وصندوق النقد الدولي، مع احتمال وصول المزيد من السعودية وغيرها.

وفي السياق، قامت مصر، يوم أمس الأربعاء، بأكبر زيادة في أسعار الفائدة على الإطلاق وسمحت لعملتها بالانخفاض بنسبة تزيد عن 38% في عملية التعويم التي طال انتظارها، وفقًا لتقرير "بلومبيرغ".

اقرأ ايضا: دعوى فلسطينية تطالب بريطانيا بمنع تصدير قطع غيار طائرات إلى إسرائيل

وجاءت تلك التحركات تتويجًا للجهود العالمية، بقيادة دول الخليج الغنية بالنفط وصندوق النقد، وبدعم من الولايات المتحدة، لتحقيق الاستقرار في بلد يعتبر استقراره أمراً حاسماً بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وقد تضرر من ارتفاع التضخم والأزمة المالية.

وذكرت الشبكة أن المستثمرين الأجانب أشادوا بالفعل بهذا التحول ويقولون إنهم يتوقعون أن تجتذب مصر مليارات الدولارات من تجار السندات في الأشهر المقبلة.

وأشارت إلى أن الخطوة التالية للبلاد التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة، قد تكون استثمارًا بمليارات الدولارات في الأراضي من السعودية.

إذ تُجري السلطات المصرية والسعودية محادثات أولية بشأن حقوق تطوير منطقة ساحل شمال البحر الأحمر المعروفة باسم "رأس جميلة"، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأن المفاوضات ليست علنية، فيما لم تستجب السلطات السعودية لطلبات التعليق.

وإذا تم الاتفاق على الصفقة، فسوف تتبع المملكة، الإمارات المجاورة، التي أعلنت عن استثمار بقيمة 35 مليار دولار (وهو الأكبر في تاريخ مصر)، وسيكون معظم ذلك لتطوير شبه جزيرة على ساحل البحر الأبيض المتوسط تسمى رأس الحكمة.

ونقلت الشبكة عن كبيرة الاقتصاديين في "بنك أبوظبي التجاري ش م ع"، مونيكا مالك، قولها: "وصلت مصر إلى نقطة الانهيار وحجم صفقة رأس الحكمة أظهر عمق الأزمة".

وأضافت مالك: "لا تريد الإمارات ولا دول الخليج الأخرى رؤية ربيع عربي آخر أو اضطرابات سياسية في مصر".

وقد بدأت أحدث موجة من الاضطراب الاقتصادي في مصر خلال عام 2022، عندما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية ورفع تكلفة القمح والوقود المستوردين، وفر مستثمرو السندات بالجملة، وسحبوا نحو 20 مليار دولار من البلاد.

كما أدى العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة إلى تفاقم الضغوط، فابتعد بعض السياح عن شواطئ مصر ومواقعها الأثرية، في حين تسببت هجمات الشحن التي شنها الحوثيون في البحر الأحمر في تراجع حركة المرور عبر قناة السويس، وهي مصدر دخل مهم لمصر.

وتلعب مصر، إلى جانب الولايات المتحدة وقطر، دور الوساطة الرئيسي في محادثات وقف إطلاق النار، وتحاول إدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع رغم مقاومة دعواتها لاستقبال مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين من غزة، إذ ترى السلطات المصرية أن ذلك من شأنه أن يقوض قضيتهم من أجل إقامة دولة مستقلة ويشكل تهديدًا أمنيًا.

وقالت المصادر إن المفاوضات بين السلطات المصرية والسعودية بشأن رأس جميلة، الموقع الذي يقع بالقرب من منتجع شرم الشيخ في سيناء وعبر البحر الأحمر من مشروع نيوم الضخم في السعودية، لا تزال في مراحلها الأولى وقد تفشل.

والموقع أصغر بكثير من رأس الحكمة، الذي يناهز تقريبًا 3 أضعاف حجم مانهاتن، ومع ذلك، فإن أي اتفاق قد يصل إلى عدة مليارات من الدولارات، بحسب المصادر.

بموازاة ذلك، لفت بعض الأشخاص إلى أن تحركات الإمارات في مصر، بما في ذلك الاستحواذ على حصص في الشركات المملوكة للحكومة، دفعت السعودية، التي تعتبر نفسها صاحبة الثقل السياسي الإقليمي، إلى تسريع محادثات الصفقة الخاصة بها.

ووفقًا للشبكة، قال كبير محللي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة "أوراسيا" عمر منيب: "من المرجح أن تتبع الصفقات الاستثمارية الأخرى مع المزيد من الشركاء الخليجيين الصفقة الإماراتية".

ومن المفترض أن توفر هذه الأموال، بالإضافة إلى المزيد من الأموال المتوقعة من أمثال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لمصر ما يكفي من النقد للحفاظ على استقرار عملتها المعومة حديثًا والوفاء بالتزامات ديونها. 

وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى رفع التصنيف الائتماني لمصر، التي تقع في منطقة غير مرغوب فيها، وبالتالي خفض تكاليف الاقتراض، وفقًا لمنيب.

وكانت دول الخليج الغنية بالطاقة منذ فترة طويلة مصدرًا للدعم لمصر، لكن هذه الأموال أصبحت أكثر مشروطة حيث سعت الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر إلى تأمين استثمارات جذابة بدلًا من مجرد تقديم "الصدقات"، بحسب "بلومبيرغ".

اقرأ ايضا: قمة العشرين تسعى للتوصل إلى حلول فعالة للتحديات العالمية

وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن "الحرب في غزة جعلت الوضع أكثر إلحاحًا، فيما ذكر رئيس توقعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة (بانجيا-ريسك) الاستشارية بلال بسيوني أن "الأزمة المحيطة بغزة أعادت التأكيد على النفوذ الجيوسياسي لمصر، لقد جعل الدول تركز بشكل أكبر على تحقيق الاستقرار في مصر بالنظر إلى حجمها وتأثيرها على الديناميكيات السياسية الإقليمية".

جميع الحقوق محفوظة لـ الحياة واشنطن © 2024

هاتف: 00961-81771671

البريد الإلكتروني: info@darhaya.com