عيّن الرئيس الأمريكي جو بايدن الدبلوماسي المخضرم وخبير شؤون الشرق الأوسط روبرت مالي مندوباً له للشؤون الإيرانية، لينتظره ملف من أعقد ملفات السياسة الخارجية الأمريكية في المرحلة المُقبلة، في ظل رغبة إدارة بايدن، في العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، والالتزام ببنوده في حال التزام ايران به، وهو الأمر الذي يستلزم مفاوضات يُتوقع أن تكون شاقة، خصوصاً بالنظر إلى رغبة قوى اقليمية، أبرزها السعودية، الانضمام إلى الاتفاق.
وقبل تكليف مالي رسيماً بهذا الملف اتهمته الأوساط المحافظة في الولايات المتحدة والمؤيدة لإسرائيل بالليونة مع الجانب الإيراني وعدم مسايرة وجهة النظر الإسرائيلية بالشكل الكافي بالنظر إلى سجله الطويل كدبلوماسي رفيع في الخارجية الامريكية، مختص في شؤون الشرق الأوسط خلال إدارتي الرئيسين كلينتون وأوباما كما تشيع هذه الأوساط.
وقالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية:"إن الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ والأوساط المؤيدة لإسرائيل أعربت عن قلقها وخيبتها عند الكشف عن تعيين مالي في هذا المنصب، متهمين إياه بأنه سيكون متساهلاً مع إيران ومتشدداً مع إسرائيل، حسب الصحيفة."
لكن عدداً من الخبراء والدبلوماسيين الأمريكيين السابقين رحبوا بتعيين مالي في هذا المنصب ووصفوه بأنه "من بين أرفع الخبراء الأمريكيين في مجال السياسة الخارجية ودبلوماسي ومحلل من الطراز الرفيع".
وكان مالي من بين مستشاري بايدن خلال حملته الإنتخابية عام 2020 ورأس مجموعة الأزمات الدولية حتى تعيينه في المنصب الجديد.
وروبرت مالي خريج جامعتي هارفارد ويال الأمريكيتين حيث كان زميل الدراسة للرئيس السابق باراك أوباما، كما درس في جامعة أكسفورد البريطانية، ونال منها درجة الدكتوراة، وهو مؤلف كتاب "صرخة الجزائر" عام 1996، الذي تناول فيه تجرية الجزائر في التحول من الثورة واليسار إلى ساحة صراع مع الإسلام السياسي، كما نشر العديد من الأبحاث والدراسات بالاشتراك مع الباحث في جامعة أكسفورد حسين آغا، التي تناولت قضايا ومشاكل الشرق الأوسط، مثل :"كامب ديفيد ومأساة الأخطاء" و "المفاوضات الأخيرة" و "ثلاثة رجال في مركب واحد" و "حماس ومخاطر السلطة" و "الثورة العربية المضادة".
وشغل مالي منصب الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية في واشنطن قبل تعيينه في المنصب الجديد، وعمل في مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة في إدارة باراك أوباما، ومساعدا لمستشار الأمن القومي ساندي بيرجر خلال حكم الرئيس بيل كلينتون، ومدير الديمقراطية وحقوق الإنسان والشؤون الإنسانية في مجلس الأمن القومي.
ويعتبر مالي خبيراً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وكتب بإسهاب حول هذا الموضوع، حين كان مساعدا خاصا للرئيس كلينتون وعضواً في فريق السلام الأمريكي الذي ساعد في ترتيب قمة كامب ديفيد لعام 2000.
وفي عام 2015 كان مالي بمثابة رجل أوباما "الرئيسي" فيما يتعلق بملف الشرق الأوسط، حيث كان يقود مكتب الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وفي نوفمبر 2015 عين مالي مستشاراً خاصاً لأوباما لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
والده هو الصحفي اليساري المصري الولادة واليهودي الحلبي الأصل سيمون مالي، أحد المدافعين الصلبين عن قضايا العالم الثالث ومناهضة الإستعمار.
خلال عمله الصحفي في الأمم المتحدة تعرف على زوجته الأمريكية باربرا التي كانت تعمل في مكتب تمثيل جبهة التحرير الجزائرية لدى الأمم المتحدة خلال حرب الاستقلال ضد فرنسا.
وبسبب مواقفه المؤيدة لقضايا دول العالم الثالث كلفه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بالعمل مراسلاً لصحيفة الجمهورية المصرية في الأمم المتحدة.
وفي عام 1969 أنتقلت أسرة سيمون إلى باريس وأسس هناك مجلة "آسيا وأفريقيا" التي كانت مكرسة لقضايا العالم الثالث وحركات التحرر ضد الإستعمار.
أجرى سيمون مالي الذي كان يكتب بالعربية والإنجليزية والفرنسية، مقابلات مطولة مع كل من ياسر عرفات وفيديل كاسترو واوليفر تامبو حين كانت وسائل الإعلام الغربية لا تجرأ على ذلك.
كما كَرَس صفحات المجلة للحديث عن حركة التحرير في بقاع العالم مثل تيمور الشرقية والصحراء الغربية.
وأثارت كتاباته عن "قذارة" سياسات فرنسا خلال الحقية الإستعمارية في القارة الأفريقية غضب الأوساط اليمينية الفرنسية وحلفائها الأفارقة أمثال ملك المغرب السابق الحسن الثاني والحاكم العسكري السابق لزائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حالياً) موبوتو سيسيسيكو.
واتخذت الحكومة الفرنسية خطوة غير مسبوقة عام 1981 عندما ألقت القبض عليه في الشارع ووضعته على متن أول طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة دون أن تسمح له حتى بأخذ جواز سفره الأمريكي.
وكان الرئيس المصري الراحل أنور السادات قد حرمه من الجنسية المصرية سابقاً ولم يسمح له بتجديد جواز سفره المصري.
ومع فوز الحزب الإشتراكي في انتخابات عام 1981 في فرنسا سمح له الرئيس فرانسوا ميتران بالعودة الى فرنسا بعد أن أمضي 8 أشهر يحرر المجلة من مكان إقامته المؤقتة في سويسرا.
المصدر: بي بي سي
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com