بدأ عشرات الملايين من الأميركيين التصويت في انتخابات تاريخية لاختيار رئيسهم السابع والأربعين للولايات المتحدة، بين الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس والجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب.
وتنحصر المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأميركية بين ترمب وهاريس، على الرغم من مشاركة مرشحين آخرين في السباق نحو البيت الأبيض.
ومع تعليق المستقل روبرت إف كينيدي جونيور حملته الانتخابية، في أغسطس، وإعلان تأييده ترمب، يتبقى 3 مرشحين إضافة لهاريس وترمب، وهم كورنيل ويست الذي بدأ كمرشح عن حزب "الشعب" ثم تحوَّل إلى مستقل، والمرشحة عن حزب "الخضر" جيل ستاين، وتشايس أوليفر مرشح الحزب "الليبرتاري".
يعتمد النظام الانتخابي الرئاسي الأمريكي على توزيع السكان في الولايات، إذ يكون للولاية الأكبر من حيث الكثافة السكانية تأثير على تحديد الفائز بالسباق الرئاسي أكبر من تأثير الولاية الأقل سكاناً.
هذا النظام الانتخابي يُعرف بالمجمع الانتخابي، والذي يرتبط عدد أعضائه وتوزيعهم بتركيبة الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ.
فالكونغرس يضم 535 عضواً مقسمين بين 100 عضو في مجلس الشيوخ (عضوان عن كل ولاية) و435 عضواً في مجلس النواب موزعين بحسب عدد سكان كل ولاية.
أما المجمع الانتخابي فيضم 538 عضواً، بزيادة 3 أعضاء عن إجمالي عدد أعضاء الكونغرس، وهم الممثلون عن العاصمة واشنطن غير الممثلة في الكونغرس.
فولاية مثل كاليفورنيا، التي تعد الولاية الأكبر في البلاد، لديها 54 ممثلاً في المجمع الانتخابي، وهو نفس عدد ممثليها في الكونغرس ( عضوان في مجلس الشيوخ و52 عضواً في مجلس النواب).
أما ولاية ألاسكا فرغم مساحتها الشاسعة التي تتجاوز مليون ونصف مليون كيلومتر مربع، إلا أنها ممثلة بثلاثة أعضاء فقط في المجمع الانتخابي، وهذا لأنها من بين الولايات الأقل كثافة سكانية في البلاد.
وهكذا فإن ولاية مثل فلوريدا لديها 30 ممثلاً في المجمع الانتخابي، وهو ما يساوي عدد ممثلي 9 ولايات.
ويفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية من يحصد 270 صوتا على الأقل في المجلس الانتخابي.
وتعتمد الانتخابات الأمريكية على قاعدة "الفائز يحصد كل شيء" أي أن المرشح الفائز بأكثرية الأصوات في ولاية معينة يحصد كافة أصواتها في المجمع الانتخابي حتى لو كان الفارق بينه وبين منافسه ضئيلاً للغاية.
هذه القاعدة – التي تطبق في أغلب الولايات باستثناء ولايتي ماين ونبراسكا- هي السبب في أنه في بعض الحالات يمكن أن تختلف نتيجة تصويت أعضاء المجمع الانتخابي عن نتيجة تصويت مجموع سكان البلاد.
ففي عام 2016، على سبيل المثال، كان إجمالي الأصوات التي حصلت عليها هيلاري كلينتون يزيد بنحو ثلاثة ملايين صوت على ما حققه دونالد ترامب، لكن الأخير هو الذي فاز بالانتخابات بعد أن حصل على تأييد 304 من أعضاء المجمع الانتخابي.
هناك ولايات تعد نتيجة السباق الرئاسي فيها شبه محسومة وذلك لأن سكانها يميلون بشكل كبير إلى أحد الحزبين، ما يجعل الحملات الانتخابية فيها ليست بالكبيرة، فهي تعد ولايات "آمنة".
فولاية كاليفورنيا مثلا تصوت منذ عام 1992 لصالح مرشحي الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، ولهذا فإن فوز كامالا هاريس بها لن يكون أمراً مفاجئاً. كذلك الحال في حال فاز ترامب بولاية تكساس التي تصوت للمرشحين الجمهوريين منذ عام 1980.
في المقابل فإن هناك عدداً من الولايات تبدو نتيجة تصويتها غير محسومة.
هذه الولايات "المتأرجحة" تحظى باهتمام كبير من قبل الحملات الدعائية للمرشحين.
ويُعتقد أن الفوز بهذه الولايات المتأرجحة سيكون بمثابة مفتاح دخول البيت الأبيض.
ويقول مراقبون إن هناك سبع ولايات متأرجحة قد تحسم السباق الرئاسي لعام 2024.
فهناك ولايات نيفادا، وأريزونا، وجورجيا، وبنسلفانيا، وميتشغان، وويسكنسون، وهي ولايات صوتت لصالح جو بايدن في انتخابات 2020.
كذلك تضم القائمة ولاية نورث كارولينا التي صوتت لصالح ترامب في الانتخابات الأخيرة.
ويسعى ترامب إلى انتزاع الفوز في الولايات المتأرجحة التي خسرها قبل 4 سنوات، بينما ستحاول كامالا هاريس الحفاظ على تقدم الحزب الديمقراطي فيها.
ووضعت السلطات الأمريكية خططاً أمنية لا سابق لها لمقاومة العنف وغيره من السيناريوهات التي يمكن أن تعكر صفو الانتخابات، وما قد يليها من اضطرابات. ووضعت وكالات تنفيذ القانون مع المستجيبين الأوائل في حالة تأهب قصوى، بما في ذلك نشر الحرس الوطني لمنع حصول أي اضطرابات.
وفي الانتخابات الرئاسية الـ60 التي تشهدها الولايات المتحدة منذ المصادقة على دستورها عام 1788، سيكون طابعها تاريخياً بامتياز لأن هاريس، إذا فازت فستكون المرأة الأولى الرئيسة في الدولة العظمى، بالإضافة إلى كونها من أصول أفريقية وآسيوية، ولأن ترمب، إذا فاز، فسيكون ثاني رئيس سابق يعود إلى البيت الأبيض بعد خسارته محاولة البقاء لولاية ثانية في البيت الأبيض.
الانتخابات تجري في فترة يشهد العالم فيها عددا من النزاعات الدولية، على الصعيد الدولي، تجري هذه الانتخابات في مشهد مختلف يعيش فيه العالم العديد من النزاعات الدولية تنتظر قرارا من الرئيس المقبل.
أوروبا تعيش عامها الثالث من الحرب الروسية الأوكرانية، وسط ترقب لمصير الدعم العسكري الأميركي لكييف للتصدي للقوات الروسية، وقلق أوروبي متنامي من موقف واشنطن من هذه الأزمة.
أما الشرق الأوسط فدخل في العام الثاني من الحرب التي انطلقت من غزة، وامتدت إلى لبنان وتتحول لنزاع إقليمي شامل بين إسرائيل وإيران.. نزاع تحاول واشنطن منعه لكن لا تستبعد تحاليل عدة انخراطها فيه بشكل مباشر في حال اندلاعه.
اقرأ ايضا: لجنة إدارة غزة المتفق عليها بين "فتح" و"حماس".. هذا شكلها وهذه أبرز مهامها
وفي شرق آسيا التحركات والتجارب النووية والصاروخية لكوريا الشمالية تقلق حلفاء أميركا في هذه المنطقة، بينما الصين لا تخفي رغبتها بإعادة السيطرة على جزيرة تايوان، بل إن الدعوات في بكين للاستعداد لحرب واسعة باتت معلنة.