د. شهاب المكاحله
مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير راضٍ عن المواجهة المستمرة في غزة والضفة الغربية لأنه يريد توسيع رقعة الحرب وهو غير سعيد بحرب الاستنزاف البطيئة. فهناك مؤشرات على أنه قد يضع إسرائيل بشكل استراتيجي في مواجهة أوسع تستهدف حزب الله في لبنان، والقوى الموالية لإيران في سوريا والعراق، والحوثيين في اليمن، بل تتعدى ذلك لتشمل إيران ذاتها، حتى وإن نجحت الإدارة الأميركية الحالية في التوسط لوقف إطلاق نار مؤقت لمدة 42 يوما في غزة.
تركيز نتنياهو ينصب على تحييد البنية التحتية العسكرية لحزب الله وتقويض قدرات إيران الصاروخية والنووية. هذه الاستراتيجية طموحة ومحفوفة بالمخاطر، خاصةً بالنظر إلى الديناميات الإقليمية المعقدة والانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في 5 نوفمبر 2024.
يمكن أن تؤثر نتائج الانتخابات الأميركية بشكل كبير على نهج نتنياهو. فإذا نجحت نائبة الرئيس كامالا هاريس في تحقيق فوز غير متوقع، فمن المحتمل أن يواجه نتنياهو قيودا أكبر، مما يجبره على متابعة النزاع بطريقة أكثر تقييدا. ومع ذلك، فإن فوز ترامب قد يغير الحسابات تماما. فدونالد ترامب، الذي وصف نفسه مرارا وتكرارا بأنه أكبر حليف لإسرائيل، قد يمنح نتنياهو الضوء الأخضر لتصعيد النزاع بشكل كبير. خلال تجمع في شنكسبيل بولاية بنسلفانيا في أبريل 2024، ربط ترامب بين صراعات إسرائيل والضعف الذي يتصوره تحت إدارة الرئيس جو بايدن. وقد اقترح ترامب أن الأزمة الحالية في الشرق الأوسط لم تكن لتحدث لو كان لا يزال رئيسا، وأرسل إشارة واضحة لدعم موقف إسرائيل ضد إيران.
تصريحات ترامب حملت أيضا رسالة ضمنية بالموافقة على توسيع الطموحات الإقليمية لإسرائيل. “إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، وقد فكرت دائمً في كيفية توسيعها”، نقلاً عن قناة 12 الإسرائيلية. هذه التصريحات، إلى جانب بياناته السابقة، تشير إلى أن إدارة ترامب ستكون أكثر ميلاً لدعم الأهداف العسكرية الأوسع لنتنياهو، مما قد يؤدي إلى تصعيد كبير في المنطقة.
كلمات ترامب ليس مجرد كلام عابر فالتصريح بأنه يطمح إلى “توسيع إسرائيل”، التي وصفها بأنها “صغيرة على الخريطة”، وأنه كان دائم التفكير في “توسيعها”! يجب قراءتها بجدية تامة، لا من باب الدعاية الانتخابية لأن ذلك البيان يتماهى مع خطط حكومة بن غفير وسموتريتش، اللذين يسعيان لإعادة ضم الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن، لتوسيع الكيان المحتل على حساب الضفة الغربية والأردن.
أليست هذه سوى وصف لبركان قد ينفجر في أي لحظة؟ حسابات نتنياهو واضحة: الانتظار حتى الانتخابات الأميركية، ثم، بناءً على النتيجة، إما المضي قدما بحذر أو الشروع في حملة عسكرية أكثر شمولاً. وتعكس هذه الاستراتيجية ليس فقط المخاوف الأمنية الفورية لإسرائيل، ولكن أيضا رغبتها في إعادة تشكيل توازن القوى الإقليمي لصالحها.
ومع ذلك، فإن العواقب المحتملة لمثل هذا التوسع عميقة. قد تسحب حرب أوسع العديد من الأطراف، مما يؤدي إلى مزيد من زعزعة استقرار المنطقة وخلق أزمات إنسانية وجيوسياسية غير متوقعة. الرهانات عالية، ونتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية قد تحدد تحركات إسرائيل المقبلة.
في هذا السياق المتقلب، تُعد تصرفات نتنياهو تذكيرا صارخا بالتفاعل المعقد بين السياسة الداخلية والاستراتيجية الدولية. بينما يراقب العالم دراما المنطقة تتكشف ما بين إيران وإسرائيل. ومع ذلك، هناك شيء واحد مؤكد: القرارات المتخذة في الأشهر القادمة سيكون لها عواقب بعيدة المدى على الشرق الأوسط الكبير وما بعده.