توجهت الأضواء في الولايات المتحدة إلى من تطمح أن تكون أول امرأة في المكتب البيضاوي، وذلك في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من سباق الرئاسة، اليوم الأحد، ودعمه لنائبته كامالا هاريس لتكون مرشحة للحزب الديمقراطي.
وعلى إثر تخبط بايدن في مناظرته أمام منافسه الجمهوري دونالد ترامب ومن ثم إعلان انسحابه، شبه البعض هاريس بأنها "فيل في الغرفة" يؤخر إعلان بايدن الانسحاب، بسبب عدد من "نقاط الضعف" التي كانت تحول دون أن تكون مرشحة إجماع داخل حزبها.
ويعكس هذا الوصف مستوى التحديات التي تنتظر الديمقراطيين والبيت الأبيض في عملهم لتحسين موقعها.
وتعرضت هاريس، أول نائبة رئيس في البلاد، وأول شخص من أصول (أفريقية - آسيوية) يشغل هذا المنصب، لانتقادات بسبب قصورها عن لعب دور في قضايا سياسية حساسة على أجندة الرئيس بايدن.
وتأتي على رأس هذه القضايا ملف الحدود الجنوبية، وأزمة الهجرة عبرها، الذي كلفها به بايدن في بداية ولايته، لتخفق في تحقيق نتائج تذكر، إضافة إلى حضورها الباهت على الساحة الدولية، غابت أيضًا عن التصدي لجهود الجمهوريين لتقييد حق التصويت.
ومع استطلاعات رأي تشير إلى مستوى قبول باهت لها، والجهود المكثفة من قبل الجمهوريين للاستفادة من ضعف شعبيتها، يمكن لهاريس أن تصبح أيضًا، عبئًا على فرص الديمقراطيين في غياب جهد قوي لإعادة تقديم شخصيتها العامة.
وفي مقابل الحضور السياسي الضعيف، تعد حياة هاريس الشخصية مميزة، إذ أن أصولها اللاتينية الأفريقية والآسيوية الهندية تختصر "الحلم الأميركي" للعديد من المهاجرين إلى الولايات المتحدة، فوالدها من المهاجرين من جامايكا ووالدتها من الهند.
وتقول هاريس (59 عاماً): "كانت والدتي تقول لي على الدوام قد تكونين الأولى في القيام بالكثير من الأمور، لكن احرصي على ألا تكوني الأخيرة".
فهي أول مدعية عامة سوداء لولاية كاليفورنيا، وأول امرأة في هذا المنصب وأول امرأة من أصول جنوب آسيوية تفوز بمقعد في مجلس الشيوخ الأميركي.
وُلدت هاريس في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 1964 في أوكلاند بولاية كاليفورنيا. والدها دونالد هاريس كان أستاذًا في الاقتصاد، ووالدتها شيامالا غوبالان كانت باحثة في سرطان الثدي. لكنهما انفصلا عندما كانت هاريس في الخامسة تقريباً، وتولت والدتها تربيتها مع شقيقتها مايا.
هاريس، نالت درجة البكالوريوس من جامعة "هوارد" إحدى جامعات السود التاريخية في واشنطن.
ودرست القانون في كلية "هايستينغز" بجامعة كاليفورنيا، وتحدثت كثيرًا خلال ترشحها للرئاسة عن مدى تأثير الجامعتين في تشكيل هويتها وآرائها حول الصراع العرقي والعدالة في أميركا، قبل أن تصبح مدعيةً، حيث شغلت منصب المدعي العام لسان فرانسيسكو لولايتين.
وانتخبت مدعية عامة لكاليفورنيا في 2010 ثم في 2014، وتزوجت في العام نفسه من دوغلاس إيمهوف، وهو محامٍ أبيض لديه ولدان من زواج سابق.
وعندما كانت مدعية عامة، أقامت هاريس علاقة عمل مع ابن بايدن الراحل بو الذي كان يتولى المنصب نفسه في ولاية ديلاوير، وتوفي بالسرطان عام 2015.
وتعد هاريس من كبار منتقدي الرئيس السابق دونالد ترامب في العديد من القضايا؛ من تعاطيه مع أزمة تفشي جائحة كورونا إلى العنصرية وصولاً إلى الهجرة.
وبعد انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، تعهدت هاريس بحماية المهاجرين من سياسات ترامب، ووصفت رسالته بـ"المظلمة" بعد يوم من تنصيبه، خلال مشاركتها في أكبر مظاهرة نسائية في واشنطن. وأدانت قراره الرئاسي بمنع مواطني سبع دول، غالبيتها مسلمة، من دخول الولايات المتحدة. كما صوتت لمصلحة عزله في محاكمته بمجلس الشيوخ.
وفي إطار السعي لإلحاق الهزيمة به، أكدت على الحاجة لإعادة تشكيل "تحالف أوباما" الذي يضم أميركيين من أصول أفريقية وإسبانية ونساء ومستقلين وجيل الألفية.
لكن فشلها في القيام بإصلاحات قضائية جنائية جريئة عندما كانت مدعية عامة، أثر ولا يزال على شعبيتها، خصوصًا بين الناخبين السود الذين يُراهن اليوم على كتلتهم لدفع ترشيحها لمنصب الرئاسة.
وحتى الآن، لم تطلق هاريس أي وصف أو تسمية لموقعها.. هل هي من يسار الوسط أو يمين أقصى اليسار أو في أي مكان بينهما.. وعندما سألتها مراسلة عما إذا كانت من أتباع أوباما، ردت هاريس ببساطة: "أنا كامالا".
وفي السياسة الخارجية، لا تختلف هاريس عن الرئيس بايدن، سواء في الموقف من أوكرانيا وروسيا، أو مستقبل حلف الناتو، ونظرتها إلى التنافس مع الصين، والعلاقة مع ملف إيران النووي.
ورغم دعمها سياسات بايدن من إسرائيل، لكنها قالت إنه ينبغي أن نحظى بصوت يحترم النقاش حول السياسات بما يضمن دعم إسرائيل، وبأن هناك فارقاً بين انتقاد السياسات والسياسيين ومعاداة السامية.
صحيح أن دعم بايدن لترشيح هاريس منحها دفعة، لكن طريقها ليست معبدة بالكامل إلى البيت الأبيض، وقبله إلى مؤتمر الحزب الديمقراطي في 17 أغسطس (آب)، حين سيتوجب عليها إقناع منتقديها بقدرتها على هزيمة ترامب. وإذا حصلت على تفويض مؤتمر الحزب الشهر المقبل، فقد يمنحها فرصة أكبر لدخول التاريخ كأول رئيسة سوداء للولايات المتحدة.