تقدر مصادر دبلوماسية أن فرص قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشروط التطبيع السعودية، مثل تجميد الاستيطان أو المزيد من الحكم الذاتي للمسلمين في الحرم القدسي، تقترب من الصفر.
يتناول بن كسبيت - في مقاله بموقع المونيتور - "ملف تطبيع السعودية مع إسرائيل" ويبدأ بما قاله مسؤول إسرائيلي كبير للموقع هذا الأسبوع، إن المحادثات التي تجري بوساطة أمريكية بين تل أبيب والرياض بشأن التطبيع لا تزال جارية بالفعل، لكن سيتعين على إسرائيل دفع ثمن حقيقي من حيث التنازلات للفلسطينيين مقابل تنفيذ مثل هذه الخطوة، وهو ما اتفق معه مسؤول أمريكي رفيع المستوى.
اقرأ ايضا: البيت الأبيض: وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" بات "قريبًا"
حيث قال: "الرغبة موجودة، والإدارة تتفهم أن اتفاقًا بين إسرائيل والسعودية يخدم مصالح جميع الأطراف وأيضًا مصالح الشرق الأوسط". (على حد قوله)
ووفقًا للمقال، كانت هناك صعوبات كثيرة بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والقيادة السعودية، لكن في هذه اللحظة "يبدو أن الأطراف تغلبت على هذا، وهناك تطلع لمحاولة تحقيق الاتفاق التاريخي الذي سيغير وجه الشرق الأوسط".
ويشير المقال إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تحدثا عبر الهاتف مرتين في الأسابيع الأخيرة، وقام وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني بتسهيل المكالمات، وفقًا لمصدر دبلوماسي أجنبي لم تذكر اسمه نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست"، مع الإشارة لدور بحريني بارز.
وحسب المقال، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، لموقع "المونيتور"، يوم السبت، إنه يعتقد أن نوعًا من الاختراق في محادثات التطبيع بين إسرائيل والسعودية يمكن أن يحدث بحلول نهاية العام.
كما أكد كوهين أن منتدى النقب من المقرر أن يعقد مؤتمره السنوي الثاني في المغرب بغضون شهر تقريبًا، مع المشاركين السابقين (إسرائيل والولايات المتحدة والمغرب والإمارات والبحرين ومصر ودول أخرى لم تنضم بعد إلى اتفاقات أبراهام).
وطرحت القضية أيضًا في اجتماعات عقدها المدير العام لوزارة الخارجية رونين ليفي في واشنطن الأسبوع الماضي.
ويتساءل المقال: "هل الاختراق الإسرائيلي السعودي التاريخي ممكن بالفعل؟، ربما، ولكن في الشرق الأوسط، كل ما يمكن أن يحدث بشكل خاطئ يحدث عادة. فالدافع موجود لكن الإرادة السياسية والقدرة على تنفيذ مثل هذه الخطوة أقل تأكيدًا".
وهذا السؤال أكثر تعقيدًا في عام 2023 من أي وقت مضى، بالنظر إلى تحالف نتنياهو الخانق المتبادل مع المتطرفين الوطنيين المتشددين.
ويتحدث المقال عن أن التقارير التي نشرت في "تايمز أوف إسرائيل" وفي أماكن أخرى، والتي تفيد بأن السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو، يعتبر مسؤولاً إدارياً رسمياً في اتفاقيات "أبراهام"، تؤكد عزم إدارة بايدن على استنفاد الجهود الإسرائيلية السعودية.
ويضيف المقال أن شابيرو، الذي خدم في إسرائيل لمدة 6 سنوات في عهد الرئيس باراك أوباما، يعتبر أحد أكثر السفراء الأمريكيين فاعلية في العصر الحالي، فقد حافظ على علاقات ممتازة مع جميع مسؤولي حكومة نتنياهو، بالرغم من أن معظم وقته في المنصب اتسم بالتوترات، وأحيانًا العداء المفتوح بين أوباما ونتنياهو.
فشابيرو، رجل شرق أوسطي مخضرم، شغل مناصب عليا في الكونغرس ومجلس الأمن القومي، وهو يعرف الجانب الإسرائيلي جيدًا، ومقبول ومحبوب في الدول العربية"، وفق الكاتب.
وفي هذا السياق، قال مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع لـ”المونيتور”، طلب عدم الكشف عن هويته: "إذا كان هناك أي شخص يمكنه الترويج لهذا الحدث والجهود بين القدس والرياض، فهو شابيرو".
وأكد الكاتب أن احتمالات تعيين شابيرو تتعزز من خلال المغادرة المفاجئة المخطط لها من مكتب السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نيديس هذا الصيف.
وتابع المقال: "سيستغرق الأمر 6 أشهر على الأقل للإدارة لاختيار سفير جديد والمضي في إجراءات الاستماع والتعيين في واشنطن، وفي ذلك الوقت يمكن أن يكون شابيرو بديلاً جيدًا، خاصة إذا كنا نتحدث عن جهات اتصال مهمة تاريخيًا، وجهود لإقامة سلام بين إسرائيل والسعودية".
ومع ذلك، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق إسرائيلي سعودي تاريخي لا تعتمد بالضرورة على التعيينات الشخصية، فهذه خطوة معقدة تتطلب تنازلات من جانبين من الأطراف الثلاثة: سيتعين على الولايات المتحدة تزويد السعوديين بالعناصر المدرجة في قائمة الطلبات الخاصة بهم، والتي تشمل تكنولوجيا مفاعلات الطاقة النووية، والأسلحة المطورة والتحالف الدفاعي.
بينما سيتعين على إسرائيل التنازل عن الفيتو على التحديث للقدرات العسكرية السعودية وتقديم تنازلات كبيرة تجاه الفلسطينيين، وفقًا لمطالب العالم العربي، وآخرها ما حصل في قمة جامعة الدول العربية هذا الشهر.
ووفقًا للمقال، فإن السعودية ستطرح مطالب حقيقية وملموسة وليس رمزية؛ مثل تجديد عملية السلام، وربما تجميد المستوطنات، والتزامات حقيقية بشأن سيطرة المسلمين على الحرم القدسي، وغير ذلك.
وقال المصدر الدبلوماسي الإسرائيلي الكبير: "لست متأكدًا من أن نتنياهو قادر على تسليم هذه المطالب".
ويضيف المقال: "هذا يطرح السؤال النهائي حول ما إذا كان بإمكان نتنياهو قبول المطالب السعودية بالنظر إلى موقعه كرئيس للتحالف الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل".
ويرى الكاتب أنه إذا تم الحكم من خلال تصريحات وتصرفات شركاء نتنياهو في الائتلاف لزيادة التوترات مع الفلسطينيين، فإن الجواب على الأرجح هو "لا".
وعليه يسأل الكاتب: "هل يستطيع نتنياهو استبدال الائتلاف بأحزاب سياسية أكثر قابلية لتقديم تنازلات للسعوديين؟، مرة أخرى، ربما لا؛ فزعماء المعارضة الوسطيون، بيني جانتس ويائير لابيد، محاصرون بشدة في الواقع السياسي الحالي".
من زاوية أخرى، يورد الكاتب عن مصدر سياسي إسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته: "أن جانتس ولابيد لا يصدقان أي كلمة يقولها نتنياهو".
ومع ذلك، يرى الكاتب أنه إذا ألقت الإدارة الأمريكية بكل ثقلها وراء هذه المبادرة، ونشرت إسرائيل لوبيها في واشنطن لمساعدة الديمقراطيين في دفع موافقة الكونجرس على المطالب السعودية المثيرة للجدل، فسيواجه جانتس ولابيد معضلة قاسية.
اقرأ ايضا: "روشتة أمريكا لإنهاء الحرب".. هذه بنود مسودة الاتفاق بين إسرائيل ولبنان
ولهذا، يتساءل الكاتب: "هل يجب أن ينضم جانتس ولابيد إلى تحالف نتنياهو ليحلوا محل المتطرفين وأن يصبحوا موقعين على أهم اتفاقية سلام تاريخية منذ معاهدة 1979 مع مصر؟، أم يرفضون حتى في مواجهة مثل هذه الفرصة غير المسبوقة؟، وفي هذا السياق يعتقد معظم المعلقين السياسيين أنهم سيفعلون ذلك، لكن هذا مجرد تخمين".