الإعلام وسادة الخداع الدولي بل صانعوه

مشاركة
* شهاب مكاحله 03:53 م، 26 سبتمبر 2022

تحدثت قبل أيام في مؤتمر حضره عدد من الخبراء السياسيين والأمنيين العسكريين من عدد من الدول عن واقع العالم اليوم والزيف الإعلامي وسادة الخداع والنفاق على الساحة الدولية. وكان التركيز على الأزمة الروسية الأوكرانية وأنه كان بالإمكان تفاديها لولا تعنت بعض الجهات وممارستها الضغط لاستمرار الأعمال القتالية بين الجانبين الروسي والأوكراني.

إن أحد أسباب صعوبة فهم النوايا الروسية هو الاختلاف الكبير بين ما يراه المراقبون الخارجيون من أحداث وكيف ينظر إليها القادة الروس في الكرملين ووزارتي الخارجية والدفاع الروسية. قد يعتقد البعض أن روسيا غير قادرة على حسم الحرب، ولكن الواقع غير ذلك، فروسيا يمكنها القيام بسياسة الأرض المحروقة إن شاءت لكن العقيدة العسكرية الروسية تحد من ذلك لأسباب عرقية ودينية ولغوية. فمن الجانب العسكري فإن القوات الروسية يمكنها الضغط على الحكومات الغربية كافة لتقديم كافة التنازلات مع شتاء بارد وطويل متوقع هذا العام وفق التنبؤات الجوية.

والسؤال المطروح هنا:  لماذا يسمح العالم بالمغامرة بل والمقامرة بمصير الشعوب الأوروبية والعالم لأجل مصالح طبقة معينة من النيوليبراليين في الغرب؟ ولماذا كل هذا الزيف الإعلامي بل والتحريض الجماهيري لاستغلال آمال الشعوب للثورة على حكامها؟

إن وظيفة التحريض الجماهيري هي استغلال جميع المظالم والآمال والتطلعات والتحيزات والمخاوف والمثل العليا لجميع المجموعات الخاصة التي يتكون منها مجتمعنا، من حيث التطلعات الاجتماعية والتوجهات الدينية والاقتصادية والعرقية والسياسية. لعل ما يشتهر به الغرب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو الماكينة الإعلامية التي تضخ الاخبار المزيفة وغير الحقيقية عالميا لتحريك الشعوب والدول ضد بعضها لإضعافها وفق مبدأ فرق تسد. فمنذ اندلاع المواجهة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، لم يشهد العالم الزخم الإعلامي الذي شهدته تلك الساحة من كذب وغش وتجسس وتشويه معلومات وحقائق.

يعمل خبراء من أجهزة المخابرات في الدول الغربية وغيرها خلف ستار الإعلام والصحافة لممارسة حرب التجسس والاستنزاف النفسي عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمكتوبة بل وتعداها ذلك إلى وسائل التواصل الاجتماعي عبر صور وملفات مزيفة للتلاعب بالمشاعر والعواطف والتحريض على العنف والعنف المضاد. فمثلا هناك وحدة في الجيش الإسرائيلي خاصة بالحرب النفسية كما أن الجيش الأميركي لديه المجموعة الرابعة المختصة بالحرب النفسية للتأثير على الخصم. وما يهمنا هنا هو أننا نعيش في عالم بات فيه الأبيض أسودا والأسود أبيضا بفعل الإعلام وزماريه وطباليه.

فما لم تتفهم الشعوب الغربية ما هو الزيف الإعلامي فإنها ستبقى في سبات مع اقتراب شتاء وثلوج وبرد قارس ونقص في إمدادات الطاقة والغذاء في ظل تضخم وارتفاع أسعار الفائدة ونقص السيولة في الأسواق ما يهدد بكساد عظيم أخطر من العام ١٩٣٠، تكون عواقبه حربا عالمية ثالثة لُتخرِج الدول الكبرى من مآزقها الاقتصادية والسياسية بشن الحرب على رقعة شطرنج الدول المغلوبة على أمرها في شرق أوروبا وآسيا وافريقيا وأميركا الجنوبية. فبذلك تنتعش الصناعات العسكرية لدى تلك الدول الكبرى وتعمل مصانعها لإعمار ما ستخلفه الحرب القادمة في تلك الدول المضللَة التي يتلاعب بها الإعلام يُمنة ويسرى.

 

*  إعلامي وسياسي أردني

اقرأ ايضا: براميلا باتن.. عندما يتحول المسؤول الدولي إلى سلعة

** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "الحياة واشنطن ".