المشهد الاقتصادي العالمي في ٢٠٢٢ – ٢٠٢٥ (٢)

مشاركة
* د. شهاب مكاحله 11:45 م، 06 يناير 2022

الاقتصاد العالمي يواجه عدة مخاطر أهمها تأثير التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة على النمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية في ظل ارتفاع مديونيات الدول وما لذلك من آثار سلبية متوقعة على موازنات الدول النامية. فقد كانت لعبة شد الحبل بين الدول والجائحة هي العنوان الأبرز في العامين ٢٠٢٠- ٢٠٢١، ولكن عام ٢٠٢٢ سيكون السائد فيه هو ارتفاع التضخم والديون عالمياً وخاصة فيما يتعلق بالدول النامية، مصحوبين بمشاكل جيوسياسية هائلة بسبب التوترات المتصاعدة بين الغرب من جانب والصين وروسيا من جانب آخر. فما الذي يعنيه العام ٢٠٢٢ بالنسبة للدول النامية؟

إن الركود الناجم عن الجائحة قد تسبب بالفقر الشديد لأكثر من ٤٥٠ مليون نسمة في الدول النامية في ظل انعدام الأمن الاقتصادي بسبب التداعيات السياسية والاقتصادية للوباء، مما قد يضطر الدول الكبرى إلى ضخ المزيد من الأموال في البلدان الفقيرة لتحقيق الاستقرار في عملاتها ومساعدتها على اجتياز فترات حرجة تؤثر في الاستقرار العالمي. وفي حال تعثر تلك المساعدات فإن الكثير من الدول النامية ستشهد اضطرابات وثورات تطيح بالكثير من حكومات تلك الدول.

ويرى كبار الاستراتيجيين والمحللين الاقتصاديين أن أسعار النفط سترتفع في النصف الأول من العام ٢٠٢٢ إلى مصاف الـ ١٠٠ دولار للبرميل بسبب زيادة الطلب والتخوف من مناوشات إسرائيلية إيرانية تعطل صادرات النفط الذي يمر عبر مضيق هرمز في الخليج العربي، وهو مضيق يصل عرضه إلى ٣٩ كيلومتراً، كما أنه الممر المائي الوحيد المؤدي إلى المحيط المفتوح لأكثر من سدس إنتاج النفط العالمي وثلث الغاز الطبيعي المسال في العالم ناهيك عن مضيق باب المندب على البحر الأحمر حيث يمر من خلاله قرابة ٩ ملايين برميل من النفط إلى أوروبا والولايات المتحدة.

وبناء على حالة الاقتصاد العالمي الراهنة، فإن التعافي النسبي المتوقع للاقتصاد العالمي وآثاره الإيجابية سينعكس حتماً على الدول المتقدمة لكن قد لا يكون لذلك نفس الأثر على الدول النامية التي تحتاج إلى المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، والإصلاحات الهيكلية لتحفيز النشاط الاقتصادي.

لذلك فعلى الدول النامية أن تتجه نحو اقتصادات المعرفة لأن هذا المجال يوفر فرصاً كبيرة لتعزيز النمو الاقتصادي وإيجاد المزيد من فرص العمل.

هناك تحديات سياسية وأمنية ستشهدها الدول النامية وهي معضلات تقف حجر عثرة في وجه كل محاولات التنمية المستدامة لأن الصراعات المسلحة في العديد منها وهجرة الكفاءات تجعل من الصعب التسريع في تلك العملية التنموية. ولو أخذنا الشرق الأوسط على سبيل المثال لوجدنا أن التحديات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والبشرية تشوبها الكثير من المثالب لأن الجميع يرى أن عملية التنمية تقودها الحكومات والصواب أن عملية التنمية مشتركة يقودها الأفراد والشركات والحكومات.

ويرى الكثير من المختصين في الأمن الغذائي والمائي أن الكثير من دول الشرق الأوسط ستعاني من ارتفاع مستويات الفقر والأمية وانكشاف الأمن الغذائي وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وزيادة نسبة الاقتصاد غير الرسمي (الأسواق السوداء) وتراجع التنافسية وهشاشة البنى التحتية وعجز مائي حاد وتراجع الأداء الحكومي وهروب الاستثمارات إلى الخارج إلى ملاذات آمنة.

 

*  إعلامي وسياسي أردني

** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "دار الحيـــــــــاة"