يبدو أن اثيوبيا استشعرت خطورة التنسيق السوداني المصري عالي المستوى فيما يتعلق بملف سد النهضة، فقررت إتباع سياسة "فرق تسد" في محاولة لإيجاد ثغرة تنفذ منها لضرب هذا التحالف، في وقت حذرت الخرطوم، أديس أبابا من "حرب المياه" التي قالت إنها "بدأت لكن القادم أفظع".
وتلك هى المرة الأولى التي تتحدث فيها الخرطوم عن خيار الحرب لحل أزمة سد النهضة، لكن التحذير وإن أتى على لسان مسؤول رفيع، إلا أنه لم يأت في بيان رسمي عن مؤسسة سيادية، إذ حذر المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة السودانية العميد أركان حرب الطاهر أبو هاجه، من نشوب حرب مياه، في حال عدم تراجع إثيوبيا عن موقفها المتعنت من أزمة سد النهضة.
وقال أبو هاجة، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية، إن "حرب المياه بدأت، وهي قادمة بصورة أفظع مما يُمكن تخيله، إذا لم يضع العالم حدا لاستهتار النظام الإثيوبي عبر مؤسساته العدلية ومنظماته الدولية".
وأضاف أبو هاجة أن التعنت الإثيوبي سيجر المنطقة إلى ما لا يُحمد عقباه، داعياً المجتمع الدولي والإقليمي إلى الحد من "الاستكبار الإثيوبي".
وقال إن النظام الإثيوبي وضع الآخرين "في خانة العدو منذ وقت مبكر"، لكن لا يوجد سبب قوي لخلق العدو "أكثر من الحرمان من المياه".
في غضون ذلك، دفعت اثيوبيا بمقترحات لكل من مصر والسودان على حدة، في محاولة لضرب التفاهم بين بلدي المصب، والتنصل من المفاوضات الثلاثية المستمرة منذ 3 سنوات.
وكشفت وزارة الري السودانية، مساء اليوم السبت، عن أن السودان تلقى يوم الخميس الماضي، رسالة من اثيوبيا، تدعوَ فيها السودان إلى تسمية مندوب لتبادل المعلومات حول الملء الثاني لسد النهضة في يوليو القادم.
ورفض السودان هذا العرض باعتبار أن الطريقة التي أشارت إليها الرسالة تنطوى على "انتقائية مريبة" في التعامل مع ما تم الاتفاق عليه، وميل غير مقبول لاتخاذ الخطوات التي تُلائم اثيوبيا فقط، دون الاعتداد بمطالب السودان ومخاوفه وتجنب السعى الجاد للتوصل لاتفاق شامل وملزم قانونا حول ملء وتشغيل سد النهضة.
وأضاف البيان أن عرض تبادل المعلومات بإجراء أحادي الجانب من اثيوبيا، في الوقت الذي يناسبها فقط، يجعل تبادل المعلومات مجرد منحة من إثيوبيا، توفرها أو تحجبها متى شاءت، إضافة إلى أن تسمية مندوبين لتبادل المعلومات دون التوقيع على اتفاق، يعني عمليا تخفيض سقف التفاوض من اتفاق شامل إلى تبادل بيانات فقط، الأمر الذي يصعب القبول به.
وكشفت وزارة الري السودانية أن اثيوبيا أخطرت السودان بأنها ستختبر البوابات السفلى للسد بإطلاق حوالي مليار متر مكعب من المياه اليوم، وهي فترة قصيرة لاتخاذ الاجراءات الفنية الوقائية، مما يؤكد أهمية التوصل لاتفاق ملزم قبل ملء السد.
واعتبرت وزارة الري أن هذه الإجراءات تعني أن جزءا من عملية الملء ستحدث خلال شهرى مايو ويونيو خلافا للجداول المتبادلة التي تؤكد بدء الملء في يوليو القادم، مما يشكل ضغطا على منظومة توليد الكهرباء السودانية.
من جهتها، رفضت مصر المقترح الإثيوبي بتشكيل آلية لتبادل البيانات حول إجراءات تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة، التي أعلنت إثيوبيا عن أنها تنوي تنفيذها خلال موسم الأمطار المقبل في صيف العام الجاري.
في غضون ذلك تلقى الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري المصري خطابا من نظيره الاثيوبي، وقالت القاهرة إنه تضمن العديد من المغالطات والإدعاءات التي لا تعكس حقيقة مسار المفاوضات على مدار السنوات الماضية.
وشددت مصر على رفضها أي إجراءات أحادية تتخذها إثيوبيا، مؤكدة أنها لن تقبل بالتوصل لتفاهمات أو صيغ توفر غطاء سياسيا وفنيا للمساعي الإثيوبية لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب.