يحاول منظرو صفقة القرن وأقطاب السياسة الأمريكية ترويج "صفقة القرن" عبر سياسة العصا والجزرة، إذ يحاولون إقناع الفلسطينيين بأنَّ "صفقة القرن" تمثل بالنسبة لهم فرصة لا يمكن تفويتها (الجزرة)، لكنهم في السياق الآخر يحذرون الفلسطينيين من تداعيات رفضها (العصا).
ودعا جيسون غرينبلات، مساعد سابق للرئيس الأميركي وممثل خاص في المفاوضات الدولية بإدارة الرئيس ترمب، في مقالٍ مشترك مع دكتور بشارة بحبح، عضو سابق بالوفد الفلسطيني إلى محادثات السلام متعددة الأطراف الفلسطينيين لاقتناص الفرصة الممثلة في صفقة القرن، لتسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
اقرأ ايضا: الصين: مجلس الأمن فشل تجاه القضية الفلسطينية..وعلى إسرائيل التخلي عن القوة
وقال غرينبلات في مقاله المشترك: إنَّ الكثير من الفلسطينيين عليهم أن ينظروا إلى مزايا التريث قبل الرد رسمياً على خطة السلام المقترحة والرؤية التي تحتويها لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويرى غرينبلات أنَّ الفلسطينيين سيحظون بفرصة جيدة إذا قاموا بمراجعة خطة ترمب والعمل بحسن نية مع الرئيس ترمب و"إسرائيل"، قائلاً: للأسف هناك الكثير الذي سيخسره الفلسطينيون إذا رفضوا خطة السلام المقترحة.
وأشار غريبنلات إلى انَّ الوقت حان لاغتنام هذه الفرصة التاريخية -والتي ربما تكون فرصة غير مكتملة أو كاملة من وجهة نظر البعض -لمعرفة ما إذا كان السلام يمكن أن يتحقق أخيرًا، لافتاً "لا توجد خطة مثالية، وقد حان الوقت للتخلي عن قرار انتظار خطة مثالية لن تحدث".
وأستعرض غرينبلات ستة أسباب تدفع السلطة للتفكر ملياً قبل رفض الصفقة وهي كالتالي:
أولاً: البناء على العناصر الإيجابية: يمكن للفلسطينيين لدى مراجعتهم خطة ترمب للسلام، البناء على العناصر الإيجابية الموجودة فيها، وان يقدموا اعتراضاتهم واقعية، من خلال اقتراحات بديلة قابلة للتنفيذ، حتى يمكن تحقيق تقدم ذا مغزى من خلال الاجتهاد والدبلوماسية.
ثانياً: التعلم من دروس التاريخ: لقد حان وقت التفاوض بحسن نية لإعطاء الجيل القادم من الفلسطينيين مستقبلاً واعداً، وذلك يتطلب من قيادة السلطة أن تكون أكثر براغماتية، ومطلوب من الفلسطينيين أن يدركوا ما هو ممكن وأن يمتنعوا عن أن يكونوا مدفوعين فقط بما يرون أنه عادل. يمكن أن يجري الجانبان مناقشات لعشرات السنين حول ما يعتقدان أنه عادل. ولن يتوصلوا إلى اتفاق أبدًا. ولكن، بدلاً من ذلك، ينبغي أن يركز الفلسطينيون على خطة واقعية وقابلة للتنفيذ تنطوي على إمكانية جلب منافع عظيمة للفلسطينيين إذا أحسنت القيادة التفاوض.
ثالثاً: عدم التعويل على عدم إعادة انتخاب ترمب: يعول الفلسطينيون على فرضية عدم إعادة انتخاب دونالد ترامب إذا كانت القيادة الفلسطينية تأمل أن يكون هذا العام هو آخر أعوام فترة الرئيس ترمب الرئاسية، لكن أود القول "إن احتمالات تولي ترمب لفترة رئاسية ثانية عالية للغاية"، وهو ما سيكون مخيباً للأمال نسبة كبيرة من الفلسطينيين، فمن المحتمل أن يتعين عليهم التعايش لمدة 5 سنوات أخرى قادمة مع التقدم الوئيد أو عدم التقدم خطوة للأمام، فهل هذا ما تريده القيادة الفلسطينية للأجيال الشابة والقادمة؟
رابعا: ماذا عن حل الدولتين؟: إذا تم الأخذ في الاعتبار كيفية قراءة الخطة، وما هو تحديدا تعريف أي كيان سيُنشئ للفلسطينيين، وما إذا كان منزوعًا من السلاح أم لا، بالإضافة إلى التيقن ممن سيجب عليه تولي مسؤولية الحفاظ على الأمن للجميع حتى يكونوا آمنين، فما هو أهم عنصر يركز عليه الفلسطينيون؟ لا شك أنه سيكون أن الخطة تمنح الفلسطينيين والإسرائيليين راحة البال والأمن والسلامة في أحيائهم ذات أهمية قصوى لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
خامساً: إثارة القضايا والمخاوف: إنه بمجرد الجلوس إلى طاولة المفاوضات، يمكن للفلسطينيين العمل بحسن نية على طرح ما يثير مخاوفهم. فلا أحد يمكن أن يمنعهم من القيام بذلك، مهما كان ما يطلبون تحقيقه يمكن تحقيقه أم لا وتلك قصة أخرى. لكن إذا لم يأتوا إلى طاولة المفاوضات للنقاش والتفاوض، فهم في هذه الحالة سيفوتون مجددا فرصة أخرى لرؤية ماذا يمكن أن يحققوه بالأساس.
سادساً: الازدهار الاقتصادي: اعترض الجانب الفلسطيني بشكل رئيسي على المشاركة في مؤتمر البحرين الاقتصادي، الذي عقد في عام 2019، بسبب تقديم الشق الاقتصادي من خطة السلام قبل الخطة السياسية. ولكن مع إطلاق الشق السياسي من خطة السلام، يمكن للفلسطينيين الآن فهم المزايا الهائلة للفوائد الاقتصادية، إنها ليست خطة سلام اقتصادي، لكن الاقتصاد الناجح ضروري لنجاح اتفاق سلام ومجتمع فلسطيني ناجح. بل يمكن للأميركيين والإسرائيليين، من بين آخرين كثيرين، أن يقوموا بعقد صفقات تبادل تجاري ومشروعات استثمارية مع الفلسطينيين.
واختتم غرينبلات وبحبح مقالهما المشترك بقولهما: إذا لم تكن هذه الأسباب كافية لإغراء القيادة الفلسطينية بالمشاركة في خطة الرئيس ترمب للسلام، فيجب التفكير في البدائل، والتي لن تزيد عن الوضع الراهن، أو حتى استمرار تدهور الأوضاع، للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، فهل هذا حقا ما يريده الفلسطينيون؟!
اقرأ ايضا: "تاريخ نضالي حافل".. وفاة المناضلة الفلسطينية سلوى أبو خضرا