*أحمد عزت
بات واضحاً أن ما نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية أخيرا بشأن ما دار في اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من جهة مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية من جهة أخرى يثير ردود فعل واسعة، ليس فقط على الساحة الفلسطينية بل والدولية أيضا.
اقرأ ايضا: كيف ستدار الفترة المتبقية من إدارة بايدن؟
ويعود ذلك لعدة أسباب؛ أبرزها أن الصحيفة حاولت التطرق إلى مستقبل العلاقات بين حركة حماس وتركيا، وكيف تسعى الأخيرة إلى استغلال العلاقة مع حركة حماس لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، سواء السياسية أو حتى الاستراتيجية على حد سواء من هذه العلاقة.
بالإضافة إلى الكشف عن عمليات محددة وبعينها، تتعلق بتخطيط حماس لها من تركيا، وعلى رأسها محاولة الحركة اغتيال نير بركات عمدة القدس، في عملية سرية جرى لها التخطيط في تركيا، إلا أن عددًا من المصاعب حالت دون تنفيذها.
وبجانب كل ذلك أيضا كشفت الصحيفة الإنجليزية العريقة عن أنشطة بعض من عناصر حركة حماس، ممن يقومون بالعمل وبجد من تركيا للتخطيط لضرب الأهداف الإسرائيلية، مثل زكريا نجيب، المعروف بأنّه من أهمّ المسؤولين عن الملفات المالية بين حماس وتركيا، وبأنّه أحد الأعضاء المحرَّرين في إطار صفقة الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، حيث تم الإفراج عنه وإبعاده إلى تركيا، وهناك تمّ تعميق نشاطه ليكون بمثابة المسؤول المالي عن العلاقات بين حماس وتركيا.
المثير للانتباه هنا، أن زكريا نجيب ليس بالقائد السياسي أو العسكري المعروف في حماس، وكان دائما نشاطه يتعلق بالسرية وعدم المعرفة، وبالتالي فإن الحديث عنه يمثل معلومة ليست بالتقليدية، وبالتأكيد فإن محرر التقرير الصحفي البريطاني، راف سانشيز، والذي يعتبر واحدا من أهم الصحفيين بالصحيفة حصل على هذه المعلومة من مصادر ليست بالتقليدية، خاصة وأنه يكشف، على سبيل المثال، أن نجيب كان المخطِّط والموجِّه لمحاولة اغتيال نير بركات، إلا أنه فشل في هذا الأمر بالنهاية. فضلا عن محاولته أيضا اغتيال يهودا غليك، عضو الكنيست المتشدد، والتخطيط أيضا لاغتيال روني الشيخ، قائد الشرطة الإسرائيلية.
من هنا فإن المعلومات الواردة بشأن هذا التقرير في منتهى الدقة، والأهم من هذا أنها تحمل معلومات من الممكن أن تسيء لتركيا، أو على الأقل تحرجها لعدة أسباب؛ أولها أن تركيا، ومع موافقتها على استيعاب عدد من الأسرى المحررين في إطار صفقة شاليط، فإنها وافقت على ألا يعملوا في السياسة، أو يكون لهم أي اتصالات سياسية من أي نوع ومع أي طرف.
بالإضافة إلى أن الحديث هنا يدور عن شبكة من عناصر المقاومة التابعة لحركة حماس، والتي أُفرج عن بعضها في إطار صفقة شاليط، والتي تمارس مقاومة شرسة من تركيا ضد إسرائيل، وهو أمر بالطبع لا توافق عليه تركيا رسميا، ولكن بالتأكيد تدعمه أمنيا.
وعقب نشر هذا التقرير تواصلت ردود الفعل، سواءً بالصحيفة أو بغيرها من الدوائر الإعلامية الدولية.
وبات من الواضح أن هناك هجومًا وانتقادًا لسياسات حركة حماس من تركيا، والأهم من هذا انتقادات قوية لتركيا بسبب موقفها السلبي من المقاومة، وجمعها بصورة غير معلنة.
اللافت أن هذا التقرير يمكن أن يدفع بتركيا بالتأكيد إلى مراجعة حساباتها السياسية، وهي المراجعة التي باتت على ما يبدو ضروريةً الآن، مع ما ذكرته التلغراف في تقريرها السياسي الأخير، وهو التقرير الذي يكشف، بالأسماء والعمليات، الكثير من المعلومات الدقيقة، التي بالتأكيد تتوفر غيرها في بعض من المؤسسات الأمنية بالعالم، الأمر الذي سيدفع بتركيا بالتأكيد إلى الرد، والأهم التعاطي بحذر مع دعم المقاومة حتى وإن كان بصورة غير معلنة.
عموما، فإن من الواضح أن العلاقات بين حركة حماس وتركيا تثير الكثير من الأطراف بالعالم، الأمر الذي وضح خلال الفترة الأخيرة مع تعاطي الكثير من المؤسسات الصحفية والإعلامية مع هذه القضية.
*كاتب وصحفي