شهدت قمة الناتو الأخيرة في هولندا مشهداً مثيراً للجدل، تجاوز مجرد مناقشات أمنية تقليدية، ليضع الضوء على ديناميكيات العلاقة المعقدة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، وتحديداً في ظل شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فبينما كان الهدف المعلن هو تعزيز التوافق، أثار تعليق الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، حول تشبيه ترامب نفسه بـ"الأب" للحلف، عاصفة من التساؤلات والانتقادات حول طبيعة القيادة والمواقف الدبلوماسية.
في سياق مقارنة ترامب لإيران وإسرائيل بـ"الأطفال"، جاء رد مارك روته بأن "الأب يحتاج أحياناً إلى التحدث بصرامة". بدا هذا التصريح، وكأنه محاولة لاستيعاب خطاب ترامب اللاذع، لقي قبولاً فورياً من الرئيس الأمريكي، الذي سارع إلى تبني دور "الأب" الضروري للحلف.
من منظور ترامب، فإن هذا التشبيه يعزز صورته كقائد لا غنى عنه، وبأن غيابه سيترك الناتو في مأزق كبير. لكن الصورة التي ارتسمت في ذهن ترامب لم تكن هي نفسها التي رآها الكثير من المسؤولين الأوروبيين. فبينما اعتبر البعض تصريح روته مجرد مناورة دبلوماسية لاحتواء ترامب والحفاظ على تماسك الحلف، رآه آخرون سلوكاً "متملقاً" يتجاوز حدود البروتوكول الدبلوماسي.
ونقلت صحيفة "بوليتيكو" عن مسؤولين أوروبيين عبارة "الناس في حيرة شديدة.. نعم، القمة بشكل عام كانت ناجحة. لكن التملق كان مبالغاً فيه جداً" هذه العبارة تلخص شعوراً واسعاً بعدم الارتياح.
اقرأ ايضا: "عجلة الدبلوماسية تدور في جنيف".. "إشارات إيجابية" بعد لقاء الأوروبيين وإيران
وأضافت الصحيفة، إن الجدل الدائر حول تصريح روته، بغض النظر عن نواياه الحقيقية، يلقي بظلاله على العلاقة المتوترة بالفعل بين ضفتي الأطلسي، ويسلط الضوء على ضرورة إيجاد توازن دقيق بين الدبلوماسية المرنة والحفاظ على كرامة واستقلالية الأطراف المتحالفة.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com