مقال: محمد دلبح
بدأت أولى ملامح الحكومة التي ستنفذ سياسات الرئيس الأميركي الجديد/القديم دونالد ترامب بالظهور من خلال أولى تعييناته لمناصب قيادية التي شملت مؤيدين أوفياء معروفين بمواقفهم المتشددة ضد المهاجرين وخطط المواجهة العسكرية مع الصين مما يشير إلى الملامح العامة للسياسة التي ستنتهجها الحكومة الأميركية القادمة بمجرد عودتة ترامب إلى البيت الأبيض في العشرين من يناير المقبل.
وحسبما رشح من معلومات فإن منصب وزير الخارجية، وهو أعلى منصب في السياسة الخارجية، سيكون من نصيب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، وهو ابن لمهاجرين كوبيين، يُعرف بأنه مناهض شرس للشيوعية ومؤيد لسياسات مواجهة ضد الصين وكوبا وإيران وأهداف أخرى للإمبريالية الأميركية. كما كان داعماً لحرب الولايات المتحدة والناتو ضد روسيا في أوكرانيا، رغم أن ترامب نفسه قد تفاخر بأنه سينهي هذه الحرب بمجرد توليه المنصب.
كما ذكرت شبكة التلفزيون الأميركية سي أن أن وصحيفة وول سترين جورنال يوم الاثنين أن ترامب طلب من عضو الكونغرس الجمهوري من فلوريدا مايك والتز أن يكون مستشاره للأمن القومي. والتز، الذي لا يزال يعمل كعقيد احتياط في الجيش وكان عمل في كتيبة القبعات الخضر وشارك سابقاً في العمليات الخاصة في أفغانستان وغيرها من البلدان، يُعتبر من الصقور المناهضين للصين، ومن المتوقع أن يقود سياسة أكثر تصادمية وعدائية تجاه بكين مما اتبعتها حكومة بايدن-هاريس.
كما أعلن ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن ترشيح النائبة إليز ستيفانيك من نيويورك لتكون سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، والتي تُعتبر ثالث أعلى منصب في السياسة الخارجية. ستيفانيك هي غير يهودية ولكنها أكثر تطرفا من الصهيونيين، موظفة سابقة في البيت الأبيض في حكومة جورج بوش الابن، وقد عُرفت بدعمها الشديد لغزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003.
فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، أشار ترامب إلى أن أولويته الأولى ستكون استخدام القمع الجماعي والعنف الشرطي ضد المهاجرين من خلال تعيين اثنين من أكثر أنصاره تطرفاً لإطلاق الجهود البوليسية، وأبرزهم
ستيفن ميلر، الأيديولوجي اليهودي/الصهيوني الفاشي المسؤول عن فصل آلاف الأطفال المهاجرين عن عائلاتهم خلال فترة ترامب الأولى، سيشغل منصب نائب رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض للسياسات، مما يجعله مسؤولاً ليس فقط عن الهجرة بل عن جميع السياسات الداخلية تقريباً. و يعرف عن ميلر أنه كان وراء منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة والتي تبناها ترامب في ولايته الأولى.
وفيما سيتولى ميلر وضع السياسات، ستكون مسؤولية الاعتقالات الجماعية والترحيل الجماعي على عاتق توم هومان، المدير السابق بالوكالة لإدارة الهجرة والجمارك في حكومة ترامب الأولى. وقد أكد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي أنه سيعين هومان “قيصر الحدود”، المسؤول عن تعزيز القمع العسكري والشرطي على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وعموماً “مسؤول عن ترحيل جميع الأجانب غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية”.
وقد هدد ترامب بتفعيل قانون أعداء الأجانب لعام 1798، زاعماً أنه يمنحه السلطة لترحيل أي شخص من دولة تشارك في “غزو أو توغل عدائي” للولايات المتحدة. وسينطبق هذا التعريف على بلدان المهاجرين الذين يعبرون الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، والتي تشمل تقريباً جميع دول أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.
وقد اقترح ميلر أنه لتطبيق أوامر ترامب، يمكن إرسال وحدات الحرس الوطني من الولايات (الحدودية) التي يسيطر عليها الجمهوريون مثل تكساس وفلوريدا وتينيسي إلى الولايات التي يحكمها حكام ديمقراطيون، مثل نيو مكسيكو وأريزونا وكاليفورنيا.
وقد سبق لـ هومان أن قال في برنامج “60 دقيقة” على قناة "سي بي إس" الشهر الماضي إن الحكومة الأميركية ستستأنف المداهمات واسعة النطاق على مواقع العمل لاعتقال العمال غير المسجلين بالعشرات أو حتى بالمئات. كانت هذه المداهمات سمة من سمات حكومة ترامب الأولى لكنها تراجعت إلى حد كبير خلال حكومة بايدن.
توم هومان، وهو رجل أمن سابق في دورية الحدود ورجل أمن خاص في إدارة الهجرة والتجنس، التي سبقت إدارة الهجرة والجمارك (ICE)، ادعى أنه لن تكون هناك “معسكرات اعتقال” للمهاجرين المعتقلين في عمليات الاعتقال الجماعية، لكنه لم يوضح كيف يمكن احتجازهم بطرق أخرى. وفي رده على سؤال حول ما إذا كان يمكن تنفيذ عمليات الترحيل الجماعية دون فصل الآباء المهاجرين عن الأطفال المولودين في الولايات المتحدة، قال هومان إن “الأسر يمكن ترحيلها معاً”.
كما ذكرت سي إن إن اليوم الثلاثاء أن المرشح لمنصب وزير الأمن الداخلي سبكون حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية كريستي نويم وهي من غلاة اليمين المتطرف.
وقد أعلنت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية الوطنية لحملة ترامب، على قناة فوكس نيوز بأن “أجندة اليوم الأول” لترامب قد تشمل إلغاء حالة الحماية المؤقتة لمئات الآلاف من المهاجرين من هايتي وأميركا الوسطى ودول أخرى، وهو ما يمكن تنفيذه بأمر تنفيذي دون الحاجة إلى تشريع. وسيؤثر هذا القرار على مهاجرين مستقرين منذ فترة طويلة، مثل عمال المصانع والخدمات الهايتيين الذين يعيشون في سبرينغفيلد، أوهايو، الذين تعرضوا لحملة افتراء من ترامب وشريكه جاي دي فانس بادعاءات زائفة بأنهم يأكلون القطط والكلاب المنزلية.
وقال هومان إن حملة الترحيل الجماعية ستستهدف في البداية 1.3 مليون مهاجر “مجرم”. هذا المصطلح لا يشير إلى المهاجرين الذين ارتكبوا جرائم فعلية، بل إلى 1.3 مليون شخص صدرت بحقهم أوامر ترحيل نهائية من محكمة الهجرة. معظم هؤلاء المهاجرين يعيشون ويعملون دون حوادث، ولم يتسببوا في إيذاء أي شخص، لكنهم يتهربون من الاعتقال والترحيل.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال، إنه “كخطوة أولى، يناقش مستشارو ترامب إصدار إعلان حالة طوارئ وطنية على الحدود في أول يوم له في المنصب، حيث يعتقد فريقه أن هذا سيسمح له بنقل الأموال من وزارة الدفاع لتمويل بناء الجدار والمساعدة في احتجاز وترحيل المهاجرين. لكن قانونية مثل هذه الخطوة غير واضحة. كما يعتقد مستشارو ترامب أن حالة الطوارئ الوطنية ستتيح استخدام القواعد العسكرية لاحتجاز المهاجرين واستخدام الطائرات العسكرية لتنفيذ الترحيلات”.
كما أعلن زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأميركي، ستيف سكاليس (جمهوري من لويزيانا)، في رسالة تم توزيعها على الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب هذا الأسبوع، أن الأولوية القصوى للكونغرس المقبل ستكون تمرير تشريع “يعزز الموارد على الحدود الجنوبية لبناء جدار ترامب الحدودي، واستخدام تقنيات ج لجديدة، ودعم دوريات الحدود، ووقف تدفق الهجرة غير الشرعية.” وسيتم تقديم هذا المشروع عبر عملية “التسوية” التي تتطلب فقط أغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ.
كما أعلن أن ترامب قد اختار العضو السابق في مجلس النواب الأميركي ليس زيلدن لمنصب مدير وكالة حماية البيئة الذي أعلن عن قبوله المنصب. ويتوقع أن تكون أولى إجراءاته إلغاء عدد من قرارات بايدن حول المناخ وضوابط استخدام السيارات وخفض مستويات التلوث في مصانع إنتاج الطاقة والنفط والغاز. وهو أيضا من دعاة اتخاذ موقف مواجهة مع الصين.
ويحظى الجمهوريون حتى الآن وفق آخر نتائج لانتخابات مجلس النواب بـ 223 مقعدا مما يمنحهم الآغلبية التي تحتاج فقط إلى 218 مقعداً وهي أغلبية جمهورية ضئيلة، مماثلة للأغلبية السابقة التي كانت 222 قبل انتخابات 5 نوفمبر الجاري.
ويدور الحديث الآن حول انتخاب رئيس مجلس النواب من الأغلبية الجمهورية الذي سيكون بالطبع أداة طيعة لترامب ويوجد الآن عدة مرشحين موالين لترامب أبرزهم الرئيس الحالي مايك جونسون، و ريك سكوت وهو أكثرهم تأييدا لترامب وكان الملياردير ألون ماسك قد دعا إلى انتخابه، مما يزيد من حظوظه ليتولى منصب رئيس مجلس النواب.
اقرأ ايضا: هل ستؤثر إدارة ترامب على مسار حروب نتنياهو؟
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com