"تجار الجوع".. مافيا بيع المساعدات في غزة تعمق أزمة القطاع المحاصر

01:46 م ,07 ابريل 2024

وسط حصار شامل تفرضه إسرائيل على قطاع غزة المحاصر ومنعها إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية عن أكثر من 2.3 مليون شخص هم إجمالي سكان القطاع، وفي ظل الإقرار الأممي بصعوبات توزيع مواد الإغاثة على السكان مع استمرار الحرب لأكثر من 6 أشهر، يعاني الغزيون من أجل توفير احتياجاتهم اليومية من المواد الغذائية، وتتصاعد شكواهم من عمليات اتجار في مواد الإغاثة.

سكان القطاع المنكوب يشكون من نقص المواد الغذائية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذلك مع إغلاق إسرائيل المعابر التجارية مع القطاع، فضلًا عن تقييد دخول المساعدات عبر معبر رفح الحدودي؛ حيث تصطف عشرات الشاحنات على الجانب المصري من الحدود في انتظار السماح لها بالمرور.

اقرأ ايضا: "حياة واشنطن" ترصد بنود وتفاصيل اتفاق "هدنة غزة" بين حماس وإسرائيل

ووسط تلك المعاناة والتي باتت مصدر تنديد للمجتمع الدولي، لجأت دول عدة لتخفيف تلك المعاناة من خلال تنفيذ انزالات جوية لشحنات الإغاثة، كما بدأت محاولات لإيصال المساعدات عبر ممر مائي من قبرص إلى غزة.

وفي ضوء ذلك، اشتكى بعض الغزيين من إساءة توزيع المساعدات، وتحولها إلى سلع تُباع بالأسواق في بعض الحالات، ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تشير إلى "بيع مواد الإغاثة في الأسواق وبأسعار مرتفعة".

وفي هذا السياق، يقول مواطن فلسطيني في أحد مقاطع الفيديو، على منصة "إكس"، إنه قام بشراء خيمة من المساعدات بنحو ثلاثة آلاف شيقل أي نحو 800 دولار أمريكي.

فيما تحدث حساب آخر باسم محمود الحلبي، على "إكس"، قائلًا: "المساعدات يتم الاستيلاء عليها وبيعها في السوق السوداء"، مشيرًا إلى أن "سكان القطاع فرحوا بالإنزال الجوي رغم عدم كفايته، لأنه يبعدهم عن السوق السوداء".

بدوره، قال الناشط الغزاوي المقيم حاليًا في تركيا، خالد صافي: "الاحتلال هو المسؤول الأول عن ارتفاع أسعار المنتجات بشكل جنوني في قطاع غزة، وأيضًا عن نقص المواد من خلال عدم السماح للمساعدات بالدخول بالكم الكافي".
وأضاف: "المساعدات التي تدخل غزة قليلة جدًا ولا تكفي ليوم واحد، إذ يحتاج القطاع يوميًا بين 500 إلى 1000 شاحنة في حين لا يدخل سوى مائة شاحنة يوميًا".

ويشير حساب باسم "الكعام" على "إكس"، إلى ما قال إنه شكوى مواطنين في غزة من بيع المساعدات في أبريل (نيسان) الماضي، أي قبل الحرب الأخيرة في غزة.

في المقابل، تشير تقارير إعلامية إسرائيلية وغربية إلى ما وصفتها بـ"عمليات تهريب للمساعدات وبيعها في السوق السوداء"، لافتة إلى أن "السوق السوداء لبيع مواد الإغاثة تنمو بشكل كبير في ظل زيادة عدد اليائسين الذين يكافحون يوميًا للحصول على احتياجاتهم من الغذاء، ويضطر الغزيون لشراء مواد الإغاثة المسروقة من قوافل المساعدات بأسعار خيالية".

وخلال مؤتمر صحفي نهاية فبراير (شباط) الماضي، قال المتحدث باسم منظمة الإغاثة الطارئة التابعة للأمم المتحدة "أوتشا"، ينس لايركه: "شاحنات المساعدات التي تسير دون حراسة، غالبًا ما تتوقف على بعد مئات الأمتار خلف الحدود حيث يجري تفريغها".

لايركه أضاف أيضًا: "من المفهوم أن يأخذ اليائسون ما بوسعهم أخذه، لكن يبدو أن هناك عصابات تستولي على الإغاثة من القوافل، لتظهر لاحقاً في السوق السوداء"، قائلًا: "لا ينبغي أن يحدث هذا أبدًا".

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حذرت وكالة تابعة للأمم المتحدة من فوضى، مشيرة إلى اقتحام الآلاف من سكان غزة مستودعات المساعدات ومراكز التوزيع واستيلائهم على الطحين والمؤن.

فيما تشير شهادات عدة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى "احتكار تجار لمواد الإغاثة وبيعها بأسعار مرتفعة"، يلفت مواطن غزاوي، مقيم حاليًا في الدنمارك، رفض الكشف عن هويته، إلى أن بيع المساعدات ظاهرة قديمة، ربما تكون الحرب قد فاقمتها.

وفي تصريحات صحفية، قال إن "كثيرين اعتادوا بيع بعض مواد المساعدات التي لا يحتاجون إليها مقابل شراء أخرى يحتاجون إليها أكثر".

ويتزامن الحديث عن بيع المساعدات مع تحذيرات أممية من مجاعة وشيكة، لا سيما في شمال القطاع؛ حيث توقعت الأمم المتحدة "حدوث مجاعة في محافظتي الشمال بحلول مايو (أيار) المقبل"، بحسب تقرير صدر في مارس (آذار) الماضي.

وأشار التقرير إلى أن 100 في المائة من سكان غزة يعانون من نقص حاد في الغذاء، وبالنسبة لنصف السكان، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة 20 في المائة المرتبطة بالمجاعة، فقد وصل نقص الغذاء إلى أعلى مستوى، وهي الفئة الخامسة، التي تعني "الكارثة".

يأتي ذلك فيما يواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة برًا وجوًا وبحرًا، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 32 ألف فلسطيني 70 % منهم من الأطفال والنساء، وفقًا لآخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في غزة.

وتفرض إسرائيل حصارًا شاملاً على القطاع ومنعت إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية عن أكثر من 2.3 مليون شخص هم إجمالي سكان القطاع.

اقرأ ايضا: "مفقودون تحت الأنقاض".. 3 سنوات لانتشال "أعداد مفجعة" من الجثث بركام غزة

وبفعل حربها البربرية على القطاع، تواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة من حلفائها الغربيين لوقف الهجوم العسكري في غزة الذي أدى إلى تدمير جزء كبير من القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.

جميع الحقوق محفوظة لـ الحياة واشنطن © 2024

هاتف: 00961-81771671

البريد الإلكتروني: info@darhaya.com