من الرماح إلى الدروع.. أسلحة الفراعنة المستخدمة في الحروب تذهل العالم

03:11 م ,03 أكتوبر 2023

على مر العصور، أذهل القدماء المصريون العالم كله بالهندسة المعمارية والأعمال الفنية التي تركوها وراءهم.

ومع مرور الزمن تتكشف شيئًا فشئ أسرار الفراعنة، ولكن اللافت كذلك إلى جانب العمارة والفن، هو العتاد والأسلحة المستخدمة في حروبهم ومعاركهم.

فقد كان الفراعنة أكثر ذكاءً في استخدام الأسلحة التي تزود جيشهم بالطاقة، إذ رصدت مواقع مختصة بالتاريخ القديم، تسعة أسلحة هي الأبرز.

ولعل جوهر الجيش المصري، مثل معظم الجيوش القديمة، هو رماة الرماح. إذ يتسلح الجندي من رماة الرماح بدرع خشبية في يده اليسرى ورمح ذي رأس برونزي في يمينه.

وكان رماة الرماح المصريون يتقدمون على العدو في تشكيلات مكتظة بإحكام، حيث سمح طول الرمح للمقاتلين المصريين بالمنافسة على عدوهم خلف دروعهم الآمنة نسبيًا، وكان الطرف البرونزي قويًا وحادًا بما يكفي لاختراق الدروع الجلدية لمشاة العدو.

وفي هذا الصدد، يقول بول إليوت، المؤرخ والممثل الذي ألف كتاب "الحرب في المملكة الحديثة مصر": "في الوقت الذي كان فيه المعدن ثمينًا للغاية، كل ما كنت تحتاج إليه هو قطعة صغيرة من البرونز عند طرفه"، مضيفًا: "يمكنك تجهيز مئات المجندين معهم، ما يجعلها مثالية للحرب في تلك الفترة".

وأوضح أن الرمح المصري كان أكثر من مجرد صاروخ يُطلق يدويًا، حيث كان يُستخدم في القتال المتلاحم، كرمح قصير يبلغ طوله حوالي متر (3.3 قدم).

وكان الجنود يحملون كومة من الرماح فوق أكتافهم مثل السهام. ومن مسافة قريبة، يمكنهم استخدام الرمح لدفع العدو على التراجع، وفي أوقات أخرى كانوا يطلقون الرمح الخارق للدروع على العربات أو خطوط المشاة للعدو.

ويضيف إليوت، أن المصريين لم يتعاملوا مع الرمح كأداة يمكن التخلص منها مثل السهم، بل زودوا رماحهم بشفرات معدنية على شكل ماسة وجعلوها أسهل في التصويب والرمي بقبضة خشبية معززة ومتوازنة.

أما سلاح "الفأس" فقد كان سلاحًا ثانويًا يتم وضعه في حزام خصر المحارب أو تعليقه من كتفه، وفي القتال القريب يمكنها اختراق درع العدو.

وفي فترات سابقة من التاريخ المصري، عندما لم يكن العدو يرتدي دروعًا، كانت شفرات بلطة المعركة نصف دائرية أو على شكل هلال، مصممة لإحداث جروح عميقة ومائلة في اللحم غير المحمي.

وتضاعف فأس المعركة أيضًا كأداة متعددة الأوجه مناسبة لجميع أنواع متطلبات زمن الحرب، إذ برز أثناء حصار مدينة كنعانية، حين استخدم نصف جيش رمسيس الثالث فؤوسه للحفر تحت أسوار المدينة الطينية، في حين قام الباقي بتسوية الأشجار في الريف المحيط.

واكتشف علماء الآثار أدلة على وجود سلاح مصري مميز يُشار إليه بفأس الصولجان، "صولجان الحرب القياسي" هو هراوة تعد من أقدم الأسلحة على وجه الأرض.

ومنذ عام 6000 قبل الميلاد، سلح المصريون أنفسهم بصولجانات بسيطة مصنوعة من مقبض خشبي يعلوه رأس حجري ثقيل، لكن خلال عصر الدولة الحديثة، قاموا بتحسين التصميم القاتل بإضافة شفرة منحنية مدمجة في رأس خشبي صلب.

يقول إليوت: "هذا سلاح مصري خالص(..) إنه في الأساس فأس ذو قوة إضافية خلفه، وكان من الممكن استخدام فأس الصولجان بكلتا اليدين لكسر سيوف العدو واختراق أقوى الدروع البرونزية".

ولم تعد السيوف والخناجر سلاحًا مصريًا شائعًا قبل أن يقدم الهكسوس تطورات في تكنولوجيا صب البرونز، عندها فقط أصبح من الممكن صنع سيوف قصيرة قوية بما يكفي لتحمل قسوة المعركة.

ونظرًا لأن البرونز ليس المعدن الأكثر صلابة، فقد تم صب بعض السيوف في قطعة واحدة صلبة، سواء النصل أو المقبض، لتوفير قوة إضافية، وكان هناك نوعان شائعان من السيوف المصرية القصيرة: الأول كان على شكل خنجر ووصل إلى نقطة حادة، وكانت مهمته طعن العدو من مسافة قريبة جدًا، والثاني كان أطول مع جوانب مسطحة.

وربما كان السلاح المصري الأكثر شهرة ورعبًا في الدولة الحديثة هو السيف المنحني المسمى بـ "خوبيش"، وتبدو الشفرة المميزة للخوبيش كعلامة استفهام، حيث تكون حافة القطع على المنحنى من الخارج مثل السيف، وليس من الداخل مثل المنجل.

وفي اللغة المصرية القديمة، كلمة "خوبيش" تعني "الساق الأمامية للحيوان"، ويدين المصريون للهكسوس مرة أخرى بهذا السلاح الشرير المظهر، والذي يتم تصويره بشكل متكرر في اللوحات البارزة، ويقال إنه تم دفن الملك الصبي توت عنخ آمون مع خوبيشيين.

وقبل غزو الهكسوس، اعتمد المصريون على القوس "الذاتي"، وهو سلاح بسيط للقوس والسهم مصنوع من قطعة واحدة من الخشب.

لكن تم تعريفه على أنه القوة المدمجة والدقة للقوس المركب، وهو سلاح معقد وباهظ الثمن مصنوع من طبقات من الخشب وقرون الحيوانات والأوتار التي تم تقويسها لتوليد قوة كبيرة.

ويقول إليوت: "أصبح القوس المركب هو السلاح المصري الفائق". "لم يكن لديهم سوى عدد قليل من الرماة. كان لديهم فصائل مكونة من 50 رماة، يعملون كقوات صدمة ويطلقون النار على العدو في وقت واحد".

وكانت الأقواس المركبة المصرية طويلة، حوالي 1.5 متر (حوالي 5 أقدام)، ومصنوعة بعناية من خشب البتولا، وقرون الماعز، وأحشاء الحيوانات المنسوجة، وأوتار الثور، وكلها مثبتة معًا بواسطة أصماغ حيوانية.

وقبل أن تصبح الخيول كبيرة بما يكفي لركوبها في المعركة كسلاح فرسان، كانت العربة أسرع آلة حرب وأكثرها رعبًا.

ومرة أخرى، كان الهكسوس هم من قدموا للمصريين عربات خشبية خفيفة الوزن ذات أرضيات جلدية مرنة لامتصاص الصدمات، لكن المملكة المصرية الحديثة، بثروتها الهائلة، هي التي نشرت أسرابا من العربات المدججة بالسلاح في ساحة المعركة لتأثير مميت.

ووفق إليوت فإن المصريين تعاملوا مع العربة وكأنها "منصة أسلحة" سريعة الحركة يديرها سائق عربة ومحارب.

وأضاف: "كانت العربات تتجول في ساحة المعركة، وكان المحارب يمطر العدو بسهم تلو الآخر من قوسه المركب مثل مدفع رشاش قديم".

وتحكي سجلات المعارك القديمة عن تشكيلات كبيرة من العربات تضم أكثر من 100 فريق تهاجم العدو وأجنحته ومواقعه الخلفية بشراسة.

ولم تكن سرعة المركبة المصرية وقدرتها على المناورة يضاهيها سوى أسلحتها، والتي لم تشمل السهام والرماح فحسب، بل أيضًا العديد من الخوبيشات وفؤوس القتال للقتال بالأيدي.

ولم يكن جندي المشاة المصري العادي في جيش المملكة الحديثة يرتدي الكثير من الحماية في ساحة المعركة، لكن من خلال اللوحات البارزة والأدلة الأثرية، ربما كانوا يرتدون أغلفة نسيجية بسيطة مقواة بالغراء الحيواني، على شكل دروع.

جميع الحقوق محفوظة لـ الحياة واشنطن © 2024

هاتف: 00961-81771671

البريد الإلكتروني: info@darhaya.com