طعنة جديدة وجهت إلى مصر في أزمة سد النهضة الإثيوبي عقب انسحاب جنوب السودان من اتفاقيات مياه النيل التاريخية مع مصر، وهو الموقف الذي يستدعي طرح العديد من الأسئلة لعل أبرزها: من الذي يقف وراء قرار چوبا؟ وهل يسمح لها القانون الدولي بذلك؟ وماذا سيكون الرد المصري؟.
يقول خبير المياه العالمي د.ضياء الدين القوصي إن انفصال جنوب السودان لا يتيح لها أن تنسحب من الاتفاقيات؛ نظرًا أن الاتفاقيات تورّث، مضيفًا أن اتفاقية 1959 ليست استعمارية، وأن ما يهم مصر هو اتفاقية 1929.
وأوضح أن القانون الدولي لا يسمح لجنوب السودان بالانسحاب من اتفاقيتي 29 و59، معتبرًا أنه بانسحاب جنوب السودان لم يعد مع مصر سوى الكونغو، وهو الأمر الذي سيجعل مصر في موقف أكثر صعوبة.
ودعا خبير المياه العالمي مصر للتفكير في معالجة أزمة المياه الوجودية التي ازدادت صعوبةً بانسحاب جنوب السودان.
من جانبه، أشار وزير الري المصري الأسبق د. محمد نصر علام، إلى أن جنوب السودان انسحبت من اتفاقيتي النيل لعام ١٩٥٩ والتي شاركت فيها كجزء من السودان واتفاقية ١٩٢٩ كجزء من السودان أيضًا مع دول الهضبة الاستوائية ومصر.
وذكر علام بأن جنوب السودان حاز بدعم مصري هائل في التعليم ومياه الشرب والكهرباء ومحاربة الحشائش في المجاري المائية وإنشاء الموانئ وغيرها من صور الدعم الفني والمالي المستمرين.
ونوه إلى أن جنوب السودان ليس بها عجز مائي أو أي احتياج لمياه الري أو لأغراض أخرى، بل تعاني بشدة من مناطق مستنقعات تزيد مساحاتها على مساحة بلدان كاملة.
وتساءل علام: "لماذا إذن الانسحاب من الاتفاقات التاريخية ومحاولة اللحاق بمؤامرة اتفاقية عنتيبي الفاشلة؟".
وخلص إلى أن التآمر ضد مصر مستمر، وسيزيد خاصة مع ما نعايشه من صراع وعدم استقرار في السودان الشقيق، متوقعًا إنشاء المزيد من السدود والمشاريع التي تهدف إلى النيل من حصة مصر ومن مكانتها وسيادتها، في ظل عدم توفر الوعي الكافي للمخاطر التي تحاك لنا وبنا اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا.
من جهته، نبه جمال طه المحلل السياسي والباحث في شئون الأمن القومي من أن انسحاب جنوب السودان من اتفاقيات مياه النيل مع مصر، والسعى للانضمام لاتفاق عنتيبى تهديد جسيم لحصة مصر.
ورأى جمال طه أن الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير خارجية مصر الأسبق عمرو موسى هو أكفأ من يتولى إدارة ملف مياه النيل الحيوى.
يذكر أن حصة مصر من مياه النيل المنصوص عليها في اتفاقية سنة 1959 بين مصر والسودان - والتي سبق إبرامها للشروع في بناء السد العالي - خصّت مصر بحصة تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، والسودان بحصة تبلغ 18.5 مليار متر مكعب، وهما حصتان زادتا الحصتين البالغتين 48 مليارا و4 مليارات متر مكعب اللتين نصت عليهما الاتفاقية المبرمة في سنة 1929 بين مصر، من جانب، وبريطانيا، الممثلة للسودان الإنجليزي المصري، من جانب آخر.
بينما لا تعتبر إثيوبيا أن أيًا من الاتفاقيتين ملزمة لها لأنها ليست طرفًا فيهما، ولا تعترف كذلك باتفاقية ثالثة مبرمة في سنة 1902 بين بريطانيا وإمبراطور إثيوبيا جوهرها هو التزام هذه الأخيرة بعدم عرقلة تدفق مياه النيل إلى السودان ومصر، وترى أن هذه اتفاقية استعمارية غير متكافئة، مثلها مثل اتفاقيات أخرى كانت أطرافها قوى استعمارية هي بريطانيا وإيطاليا وفرنسا، متناسية أن ثمة اتفاقية تجمع مصر وإثيوبيا مبرمة في القاهرة سنة 1993 تنص على مبادئ التعاون فيما بينهما بشأن استخدام مياه نهر النيل بما يحقق مصالحهما الاقتصادية والسياسية واستقرار المنطقة التى يقعان فيها.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com