عن الاقتحامات التوراتية كغطاء لموجات الاعتداءات والانتهاكات والجرائم العسكرية الأمنية والاستيطانية في القدس وأنحاء الضفة

06:48 م ,28 يوليو 2023

في ضوء موجات الاقتحامات التوراتية-كما يطلقون عليها- للحرم القدسي التي يقودها أزعر الشوارع عندهم-بن غفير-الذي اصبح وزيرا ذا نفوذ وسطوة كبيرين، نعود لموضوع الاقتحامات الدينية -التوراتية والعسكرية –الامنية المستعربة الاستيطانية التهويدية المرعبة التي تتلاحق على مدار الساعة للحرم والاقصى وكل الاماكن المقدسية، ففي المشهد الفلسطيني المتصل، تتصاعد الاعتداءات والجرائم التي تقوم بها عصابات المستعمرين الإرهابيين اليهود في أنحاء الضفة الغربية ضد الوجود والصمود العربي الفلسطيني عمومًا، وضد الأماكن المقدسة والمعابد والكنائس والمساجد على نحو خاص، وفي احدث واقرب الاقتحامات التي تقوم تلك العصابات المحمية، بدأت مجموعات منهم اقتحام المسجد الأقصى بأعدادٍ كبيرة صباح اليوم الخميس 2023/7/27 وذلك على شكل مجموعاتٍ متتالية وسط دعوات لتكثيف الاقتحام بمناسبة ما يُسمى ذكرى خراب الهيكل، ومنذ الصباح اقتحمت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال باحات المسجد لتأمين اقتحامات المستوطنين، فيما عملت قوات الاحتلال على اخراج المصلين من المسجد منذ الصباح، فيما احتشد العشرات من الفلسطينيين داخل المسجد وصدحوا بالتكبيرات، وفي الوقت الذي يشن فيه المستوطنون موجات من الهجمات المبيتة المنهجية على مختلف المواقع الفلسطينية في انحاء الضفة وفي المدينة المقدسة على نحو مركز، وفي هذه السياق يقتحم العشرات من كبار الوزراء والحاخامات من مختلف المستوطنات والمعاهد الدينية المسجد الأقصى المبارك ويعقدون العديد من المحاضرات والنقاشات التوراتية التمهيدية للمزيد والمزيد من الاقتحامات، ويرافقهم في هذه الاقتحامات مجموعات من طلاب هذه المعاهد، ومن أبرز الحضور على سبيل المثال مجموعة مؤسسي “السنهدرين الجديد”، التي تعمل على إعادة إحياء سلطة الحاخامات القيادية للمجتمع اليهودي بإحياء “مجلس القضاة” المسمى “السنهدرين” بحسب الوصف التوراتي، وأكد حاخامات “السنهدرين الجديد على سبيل المثال” أن وقت أداء “قربان الفصح” في الأقصى قد حان ولم يعد يحول دونه شيء، ودارت كلمات جميع الحضور حول التحضيرات لـ”قربان الفصح” و”بناء الهيكل” و”قدوم المسيح المخلص” وضرورة “البناء البشري للهيكل” تمهيداً لقدومه، وأهمية الوجود اليهودي الكبير في المسجد الأقصى.

 

وفي نهج الاقتحامات الارهابية للحرم الشريف والاقصى معروف أن اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى تجري بشكل يومي وبمجموعات متتالية تقدر بالمئات واحيانا بالآلاف يوميًا، بينما كشفت المصادر الفلسطينية “أن أعداد المتطرفين اليهود المقتحمين للمسجد الأقصى المبارك خلال الشهور الماضية مثلا بلغت نحو 30000 ارهابي، تحت حماية الآلاف من شرطة الاحتلال وقواتها الخاصة وعناصر المخابرات التي اخترقت الوضع التاريخي والقانوني الذي كان قائمًا للمسجد-: -“. والأخطر من كل ذلك أن “منظمات الهيكل” الاستيطانية، أجرت استعراضاً للصور، ووضعت مُجسّماً كبيراً “للهيكل المزعوم” عند مدخل جسر باب المغاربة، ضمن أثاث ومُقتنيات ما يُسمى (العريش) المخصص للصلاة قبل اقتحام المسجد الأقصى، كما تم عرض سلسلة من الصور الخيالية والمعالجة بـ (فوتوشوب)، كذلك تم استعراض تطبيق إلكتروني إسرائيلي يُخفي قبة الصخرة من المشهد العام لمدينة القدس والبلدة القديمة ويستبدله بشكل (الهيكل المزعوم) وفق تلك الجمعيات والمنظمات المتزمتة، واستعرض أفراد وقيادات تلك التنظيمات المتزمتة البرنامج عبر حواسيب رقمية “تابلت”، وشكل القدس ومشهدها العام بعد إزالة مسجد قبة الصخرة واستبداله بما يسمى (قدس الأقداس) وفق معتقداتهم ورسوماتهم الخرافية- وكالات”.

 

وعن اقتحامات المسجد الأقصى بحجة الشعائر الدينيّة وحقوق الإنسان كأدواتٍ لسيطرة الاحتلال على الحرم وعلى القدس، فقد جاء في ورقة بحثيّة نشرت في مجلة “دراسات الاستعمار الاستيطانيّ”، للباحثة “رشيل فيلدمان”، بتاريخ 28 آذار 2018: “منذ العام 2010، هنالك إقبالٌ متزايدٌ في المجتمع الصهيونيّ لاقتحام المسجد الأقصى، باعتباره “حجّاً أو صعوداً إلى جبل الهيكل”، من خلال جولاتٍ دينيّةٍ ينفّذ فيها المقتحمون مهام دولة [العدوّ] بالوكالة، وتعدّ هذه الجولات أداةً من أدوات سيطرة الاحتلال، يتمّ من خلالها تمرير خطابٍ جديدٍ، استعماريِّ في جوهره، ومغلّفٍ بقشرةٍ من خطاب حقوق الإنسان والحريّات الدينيّة، تلتقي فيه المعتقدات الدينيّة اليهوديّة بالأيديولوجيات العلمانيّة الليبراليّة، واليوم، أصبحت هذه الاقتحامات طقساً من طقوس الاستعمار العلمانيّ، تؤدّيه الجماعات الدينيّة اليهوديّة بالنيابة عن الدولة الصهيونيّة، وتعمل في ذات الوقت بشكلٍ استراتيجيٍّ على قلب العلاقة ما بين المستوطنين وأهل البلاد من خلال إظهار ذاتهم كضحايا ومسلوبي الحقوق”.

 

إذن هذه هي الحقيقة الساطعة في المشهد المقدسي: اقتحامات المسجد الأقصى بحجة الشعائر الدينيّة وحقوق الإنسان كأدواتٍ لسيطرة الاحتلال على الحرم وعلى القدس…!

 

ولكن: تصوروا.. يحرقون المساجد ويدمرونها ويغطون هذه الجرائم بعبارات مستوحاة من”التوراة”، وهم يوظفون التوراة في كل جرائمهم ضد الوجود الفلسطيني…!، وهناك في سجل الانتهاكات والاعتداءات والاقتحامات التي تقوم بها عصابات المستعمرين الإرهابيين اليهود الكثير الكثير منها بما لا تتسع المساحة المحدودة هنا بذكرها، ولذلك نتساءل -استنكاريا-:

 

هل هي الهستيريا العنصرية الصهيونية تتجلى هنا يا ترى؟!.

 

أم هي الرواية الصهيونية المزيفة؟!.

 

أم هي الأساطير الصهيونية المزعومة حول “أرض الميعاد” و”الحق اليهودي” والوعد الرباني” المزعوم؟!.

 

أم هي خطابات نتياهو وسموترتش وبن غفير وغيرهم التوراتية التحريضية التي كان بدايتها الخطاب الذي القاه نتنياهو أمام جامعة بار ايلان في شباط/2010 وتحدث فيه عن اجتياح وتهويد المعالم التاريخية التراثية في فلسطين؟!.

 

أم هي أيضًا خطابات الرؤساء الامريكان التوراتية أمام الأمم المتحدة التي تبنوا فيها الرواية الصهيونية بالكامل؟.

 

أم هي صفقة ترامب التوراتية التي تعترف بفلسطين “أرضًا خالصة نقية لليهود…”؟!.

 

أم هي تأكيدات بايدن الحديثة بان “حل الدولتين لم يعد ممكنا”.

 

أم هي إلى كل ذلك فتاوى الحاخامات اليهود التي تشرع للمستوطنين حروبهم الاقتلاعية ضد الفلسطينيين التي وصلت إلى ذروتها الدينية…؟.

 

فليس عبثًا إذن أن نتابع الهجمات المتلاحقة التي يشنها المستعمرون المستوطنون في مختلف الاماكن وضد كل المواقع في أنحاء الضفة الغربية، والملاحظ أن هذه الحرب التي باتت تحمل شكلًا وطابعًا دينيًا تصل في الأيام الأخيرة إلى ذروة محمومة لم يسبق لها مثيل من قبل في تاريخ المواجهات.

 

والحقيقة الصارخة الماثلة أمامنا أن هذا الذي يجري في كل الأماكن الفلسطينية يجمع ما بين كل المصطلحات والمعاني والدلالات والأجندات المشار إليها…!، فالحروب الصهيونية واسعة شاملة متدحرجة مفتوحة ضد كل الأماكن والمسميات والمعالم العربية، وما هذه الحرب الدينية -التوراتية سوى غطاء و ذروة الحروب الصهيونية التي باتت تتنقل بوجهها الأبشع والأخطر كحرب دينية من قرية إلى قرية، ومن مسجد إلى مسجد، ومن معلم إلى معلم.

 

فأين العرب والمسلمون اذن من كل هذه الجرائم الصهيونية…؟.

 

ولماذا لا يتحركون على نحو جدي وحقيقي وعروبي مسؤول…؟.

 

ألا تعنيهم فلسطين والمقدسات إلى هذا الحد…؟.

 

والواضح ان الاحتلال يتجاوز كافة الخطوط الحمر الفلسطينية والعربية في هذه الاقتحامات: فأين الردع….؟!، ومن يردع….؟1

 

ألا يدركون أن خطر بني صهيون هؤلاء المنفلتون الذين يعيثون فسادًا وتخريبًا في الجسم العربي الفلسطيني على مدار الساعة، لن تقف حدودهم عند فلسطين، وإنما إن اشتد عودهم أكثر فأكثر لسوف يتمددون إلى المحيط العربي…؟!

 

* أسير محرر وكاتب فلسطيني

** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "حياة واشنطن"

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لـ الحياة واشنطن © 2024

هاتف: 00961-81771671

البريد الإلكتروني: info@darhaya.com