لاقت خطوة الحكومة المصرية لهدم وإزالة مقابر لشخصيات تاريخية بالقاهرة القديمة، بدعوى تطوير وتوسعة شبكة الطرق، موجة من الانتقادات والحملات المنددة التي تصاعدت مؤخرًا، عبر المنصات الرقمية في البلاد.
وكرد فعل من النظام المصري لاحتواء موجة الغضب التي انتابت المواطنين، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بإنشاء "مقبرة الخالدين" في موقع مناسب، لتكون صرحًا يضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوي الإسهامات البارزة في رفعة الوطن.
اقرأ ايضا: بعد قرار "الجنائية الدولية".. نتنياهو وجالانت على رادار 123 دولة
وقال المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية - في بيان اليوم الاثنين - أن تلك المقابر ستتضمن أيضًا متحفًا للأعمال الفنية والأثرية الموجودة في المقابر الحالية، ويتم نقلها من خلال المتخصصين والخبراء، بحيث يشمل المتحف السير الذاتية لعظماء الوطن ومقتنياتهم، ويكون هذا الصرح شاهدًا متجددًا على تقدير وتكريم مصر لأبنائها العِظام وتراثها، ولتاريخها الممتد على مر العصور والأجيال.
وأضاف المتحدث أن الرئيس السيسي، وجه بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي بوسط القاهرة.
وتابع: "انطلاقًا من حرص مصر على تقدير رموزها التاريخية وتراثها العريق على النحو اللائق تقرر أن اللجنة ستضم جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين والمكاتب الاستشارية الهندسية".
وأوضح أن اللجنة سيكون ضمن مهامها تحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير، على أن تقوم اللجنة بدراسة البدائل المتاحة والتوصل لرؤية متكاملة وتوصيات يتم الإعلان عنها للرأي العام، وذلك قبل الأول من يوليو المقبل.
وأكد البيان أن الرفات سيتم نقلها من خلال المتخصصين والخبراء، بحيث يشمل المتحف السير الذاتية لعظماء الوطن ومقتنياتهم.
(تطوير على رفات الموتى)
وتحت عنوان "تطوير على رفات الموتى" كتب فريق "حياة واشنطن" تقريرًا، حول الحديث في مصر عن مشاهد هدم وإزالة القبور والجبانات التاريخية في وسط القاهرة، بعدما قررت الحكومة تطوير محور مروري يمر عبر منطقة تضم مقابر تاريخية.
وارتبطت أنباء هدم المقابر الأثرية بعدد من الرموز، مثل الشيخ محمد رفعت، وشاعر النيل حافظ إبراهيم، ومحمود سامي البارودي، وإسماعيل باشا سليم ناظر الجهادية، والفنان يوسف وهبي وأسرته، وصلاح ومحمود ذوالفقار وأسرته بالإضافة إلى الفنان إيهاب نافع إلى جانب العديد من الشخصيات التاريخية.
(بداية الأزمة)
بدأت الأزمة في أكتوبر من العام الماضي، حينما وصل الأهالي إخطار من الحكومة، حيث سيتم إزالة مجموعة من المقابر في نطاق مشروع تطوير محور "صلاح سالم" المروري الهادف إلى تقليل الكثافة المرورية والزحام الشديد في المنطقة.
وطلبت الحكومة من أسر أصحاب المقابر مجموعة من الإجراءات من أجل نقل رفات الموتى، وأكدت لهم أن "نقل الموتى يكون بمعرفة صاحب الشأن وعلى نفقته الخاصة".
وأعلنت الحكومة آنذاك أنها لن تقترب من المقابر المسجلة كآثار، وأن ما سيتم هدمه "مقابر ومباني حديثه"، وأنه "لم يتم هدم أي آثر تاريخي"، مؤكدة حرص الدولة "على الحفاظ على التراث التاريخي من الآثار الإسلامية والقبطية لما يمثله من قيمة تاريخية".
(هدم المقابر)
على الرغم من ذلك تتواصل عمليات الهدم والإزالة على قدم وساق، في مقابر الإمام الشافعي والسيدة نفيسة في القاهرة التاريخية.
وظهرت في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، صور تشير إلى عمليات هدم وعبارات على الجدران المقابر تنوه بقرارات إزالتها، من بينها مقابر شخصيات تاريخية مثل الشاعر حافظ إبراهيم الملقب بشاعر النيل، وكذلك قبر رئيس وزراء مصر والشاعر والزعيم محمود سامى البارودي، إلى جانب صاحب الرواية الشهيرة في قراءة القرآن، عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان، ولقبه الإمام ورش.
(سخط المصريين)
وأثارت الصور ومقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لعمليات الإزالة، خلال الأيام الماضية، سخط المصريين، ما دفع الكثيرين إلى وصف ما جرى على أرض الواقع بـ"المأساة".
وشارك رواد مواقع التواصل صورًا لقبور أسرهم وهي ركام، لافتين إلى أن هناك أسرًا تمكنت من نقل رفات ذويها، بينما هناك من لا أهل لهم أو من انقطع عنهم أقاربهم، فانتهى الحال بالهدم فقط.
وتشمل مقابر الإمام الشافعي شواهد تاريخية، وهي التي تم تسجيل عليها اسم المتوفى وتاريخ الوفاة، وتكون في العادة مستوحاة من الطراز المعماري المنتشر في العصر الذي عاش فيه الشخص، وبالتالي لها قيمة تاريخية ومعمارية فريدة.
إذ أن جبانات الإمام الشافعي والسيدة نفيسة، بها أحواش يعود تاريخها إلى أكثر من مئتي عام، وبعضها يعود إلى نهاية عصر محمد علي، الذي حكم مصر في الفترة من 1805 إلى 1848.
ويشار أيضًا إلى أن هناك مقابر تعود لعائلة العظم السورية البارزة التي حكمت سوريا لفترة في الثلاثينيات، ومدفون فيها أفراد منها، بجانب قبر الشاعر البارودي والإمام ورش، وغيرهم من المقابر التاريخية.
(محور مروري)
ومع بدء عملية تطوير محور صلاح سلام المروري، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بتدقيق كافة الدراسات والبيانات ذات الصلة بعملية التطوير "نظرًا لمروره وسط مناطق القاهرة التاريخية والإسلامية وذلك على نحو يحافظ على قيمة تلك المواقع، ويحقق الهدف المرجو من التخطيط المنظم الحديث والسيولة المرورية وتخفيف الأعباء على المواطنين".
لكن تواصلت عمليات الهدم واستمرت الشكاوى، وآخرها كانت عريضة على موقع " Change.com"، ناشدت السيسي "بحماية رفات المصريين وكل من اختار مصر وكانت أرضها مثواهم الأخير".
اقرأ ايضا: بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي أعلنت التزامها باعتقال نتنياهو وغالانت؟
إذ أن المقابر المصرية ذكرها المؤرخون والرحالة وهي قبلة للسائحين والدارسين للعمارة والفنون من الخط العربي والتذهيب والنقش على الحجر.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com