"هناك آراء دينية وطبية متناقضة. لما (حين) أشيل اللوز (إجراء عملية استئصال اللوزتين) أكون اعتديت على حرمة جسد الإنسان؟".
تلك الكلمات قالها عضو البرلمان المصري السابق أحمد الطنطاوي، تحت قبة مجلس النواب المصري، حين كان عضوا فيه، في معرض رفضه لقانون يُجرم "ختان الإناث".
وكان طنطاوي، رفض القانون، باعتبار أن قضية الختان ليست محل اتفاق ديني أو طبي في مصر، وبرر رفضه بأنه الوقت ليس مناسبا لإقرار قانون يُجرم ختان الإناث، وهو الرأي الذي لم يؤخذ به حينها وتم تمرير قانون يُجرم الختان.
لكن لماذا طفى هذا الرأي، الذي تبناه البرلماني السابق قبل أكثر من 7 سنوات، على السطح في هذه الأيام؟، إذ يتداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي المصريين على نطاق واسع، وكأنه رأي حديث، الإجابة تكمن في "انتخابات الرئاسة" المقرر إجراؤها في مصر في العام 2024، والتي أعلن الطنطاوي عزمه خوضها ضد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
وكان الطنطاوي، قال في فيديو بثه عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه يعتزم العودة إلى مصر في ٦ مايو المقبل، ليساهم في تقديم البديل المدني الديموقراطي، مؤكدا عزمه الأكيد على خوض الانتخابات الرئاسية ٢٠٢٤، إذا لم يُمنع بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأوضح أن هدفه الأساسي هو الفوز بتلك الانتخابات كمقدمة لإنجاز التحول المدني الديموقراطي الآمن والرشيد.
وأشار إلى أنه انتهى من صياغة رؤيته، وأنه سيقى منفتحا على جميع الاتجاهات الفكرية، والتيارات السياسية، وكل القوى الاجتماعية، والكيانات الحزبية، وسيبدأ جولة مشاورات مكثفة ولقاءات عامة ومغلقة مع الجميع من بعد وصوله إلى مصر بخمسة أيام.
ومع هذا الإعلام من الطنطاوي، راج على نطاق واسع مقطع الفيديو الذي أعلن فيه تحت قبة البرلمان رفضه تمرير قانون لـ "تجريم ختان الإناث"، مع إشارات إلى أن المرشح المحتمل للرئاسة المصرية سيعيد المرأة إلى العصور القديمة، وسيقضي على أي مكسب حققته في السنوات الأخيرة، وتقوم الحملة التي تطال الطنطاوي على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام، على أساس أنه "إسلامي" يتوارى خلف أفكار ليبرالية لا يؤمن بها، والدليل أنه يرفض تجريم ختان الإناث، ويشبه تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة وإيذاءها جسديا، باستئصال اللوزتين الملتهبتين.
وقضية "ختان الإناث" من أهم القضايا التي تهم المدافعين عن حقوق المرأة والمنظمات التي تسعى إلى ترسيخ المساواة بين الجنسين في المجتمع، لما لتلك العادة من أضرار بالغة أصابت قطاعا كبيرا من النساء في مصر، خصوصا في ريفها.
وتُصنف منظمة الصحة العالمية، ختـان الإنـاث، على أنه "تشويه جنسي للإناث"، وتؤكد أن ختان الإناث بكل أشكاله ودرجاته ضار للبنات والسيدات، وأن إجراءه بواسطـة الفريق الطبى لا يمنع هذه الأضرار، بل يساعد على استمرار هذه الممارسة.
ووفقا لبيانات آخر مسح صحي للأسرة المصرية، صادر عن المركز القومي للتعبئة والإحصاء العام الجاري، فإن نسب الختان بين البنات دون تسعة عشر عاما، انخفضت إلى حوالي 14 في المائة مقارنة بـ 21 % في العام 2014، كما انخفضت نسبة الأمهات اللاتي لديهن نية لختان بناتهن فى المستقبل إلى 13%، مقارنة بحوالى 35 % عام 2014.
وقامت منظمة الصحة العالمية، العام الماضي، بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان في مصر، بتدريب 5000 رائدة ريفية من 9 محافظات، لنشر الوعي في مجتمعاتهن بشأن الآثار السلبية الجسدية والنفسية لختان الإناث، وعدم وجود أي فوائد طبية للختان، وأن تلك الممارسة تعتبر جريمة وانتهاكا لحقوق الإنسان.
ويُعاقب القانون المصري بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات كل من أجرى ختانا لأنثى بإزالة أي جزء من أعضائها التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو قام أو ألحق إصابات بتـلك الأعضاء، وإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنوات.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com