أبدت المملكة العربية السعودية في الشهور الأخيرة، اهتماما لافتا بالقضية الفلسطينية، في المنتديات والمنظمات الاقليمية والدولية، ما أثار تساؤلات في أروقة تلك المنظمات حول أسباب هذا الاهتمام المتناني.
ففي سبتمبر من العام الماضي، استضافت بعثة السعودية في الأمم المتحدة، اجتماعا وزاريا مغلقا لمناسبة الذكرى العشرين لطرح الرياض مبادرة السلام العربية، في سبتمبر من العام 2002، وحضر الاجتماع ممثلون من كل أعضاء جامعة الدول العربية، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وعدد من دول الاتحاد الأوروبي.
وتحدث أمام تلك الجلسة منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وكانت السعودية طرحت مباردة للسلام في العام 2002 توافق عليها العرب، وتقوم على أساس أن تُطبع جميع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل، مقابل موافقة الأخيرة على حل الدولتين على أساس حدود العام 1967 مع حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وفي فبراير الماضي، عقد الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والأمين العام للجامعة العربية أبو الغيط، اجتماعا في بروكسل بدعوة من السعودية، ناقشوا خلاله عملية السلام في الشرق الأوسط، واتفقوا على "استكشاف سبل إحياء آفاق حل الدولتين وصونه وتحقيق سلام عادل وشامل ودائم وحرية وأمن واعتراف ومساواة في الحقوق والازدهار لجميع الشعوب المتضررة من الصراع الدائر".
وأكدوا على الأهمية الدائمة لمبادرة السلام العربية و "تقديم حزمة غير مسبوقة من الدعم السياسي والاقتصادي والأمني لفلسطين وإسرائيل في سياق اتفاق الوضع النهائي".
وأنشأت السعودية والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية مجموعة عمل تضع مقترحات للتواصل مع أعضاء جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليين المعنيين لتنسيق الجهود عن كثب لتشجيع الأطراف على إظهار التزامهم بمبدأ حل الدولتين.
وفي يناير الماضي، زار المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) فيليب لازاريني، السعودية للمرة الأولى منذ 3 سنوات، تلبية لدعوة رسمية من وزارة الخارجية السعودية.
وبحث مفوض الأونروا، مع المسؤولين السعوديين، سبل التعاون المشترك، والعمل المشاترك بين الوكالة والسعودية كشريك استراتيجي خاصة في المجالات التي تتوافق فيها ولاية الوكالة مع رؤية المملكة لعام 2030 مثل تنمية الشباب وتمكينهم وتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين.
وأخيرا، أرسل وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أدانوا فيها تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بحق الفلسطينيين، وأكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مقره الرياض) جاسم محمد البديوي، أن "وزراء خارجية دول مجلس التعاون، بعثوا رسالة مشتركة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أدانت تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بإزالة بلدة حوارة من الوجود وتصريحاته التي تُنكر حقيقة وجود الشعب الفلسطيني"، مؤكدا أن قضية فلسطين هي قضية العرب والمسلمين الأولى.
وكان المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي أكد في 22 مارس الجاري، دعم المجلس لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، ورفض الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويدور حديث في أروقة الأمم المتحدة، باستعدادات لتحرك شعودي في اتجاه ضرورة إحياء مباردة السلام العربية مُجددا، ما أثار تساؤلات عن أسباب الاهتمام السعودي المتعاظم بالقضية الفلسطينية، وهو ما برره مراقبون بقرب استضافة السعودية القمة العربية المقبلة بعد نحو شهرين، وربما تريد تحقيق اختراق في ملف القضية الفلسطينية في تلك القمة، لذلك تستكشف المواقف الدولية والاقليمية بخصوصها.
وفي تفسير آخر، يرى مراقبون أن المملكة تريد تعظيم دورها الاقليمي وربما العالمي وترسيخ قيادتها للمنطقة بلعب دور فعال في أهم قضايا منطقة الشرق الأوسط، وإحداث اختراق تاريخي فيها يُحسب لقيادتها الشابة ممثلة في ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com