"لا أريد أن أري مجددًا وجه طفل جائع أو أسمع نحيب أم فقدت ابنها في الحرب..من أجل السلام ضحى زوجي بحياته، وأنا أريد العالم أن يعلم أن حياته لم تذهب هدرًا، إن السلام هو الشيء الوحيد الذي سيجعلني سعيدة"، بهذه الكلمات خلدت جيهان السادات زوجة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات رفيع ذكراها.
أحيا عدد من أفراد عائلة السادات وأساتذة مصريين وأمريكيين من مركز أنور السادات للسلام والتنمية وكلية العلوم السلوكية والاجتماعية بجامعة ميرلاند إرث سيدة مصر الأولى، وحياتها الشخصية والعملية، خلال حفل تأبين عبر تقنية "الفيديو كونفيرانس"، حيث أدار الجلسة شيبلي تلحيمي أستاذ المركز.
وأضافت: "ظهرت قوة والدتي أيضًا حينما رأت أبي لأول مرة، وكانت واثقة تمام الثقة من أن ذلك هو الرجل الذي تريد الزواج منه، وتزوجته رغم عدم ترحيب أهلها ووالدتها البريطانية بهذا الزواج".
وأشارت إلى أن والدتها كانت صديقتها المفضلة، وأنها وأخواتها الثلاثة كانوا الأولوية لأمهم في فترة الطفولة رغم مسئولياتها الأخرى، وأنها كانت الأم التي تسد بالنصيحة حينما يطلبونها.
وتابعت: "قالت لي ولأخوتي عندما اغتيل أبي، وكان أسوأ يوم في حياتي، إن أبيكم يريد أن تظلوا أقوياء ويجب أن نقف بجانب الرئيس مبارك من أجل أن تعبر البلاد هذه المحنة، لأن مصر كانت تمر في هذا الوقت بكثير من الفوضى. تماسكت أمي بعد رحيل أبي ومهدت الطريق لحياة جديدة بعد أن ذهبت للتدريس في الولايات المتحدة الأمريكية. وأعطت والدتي محاضرات في جميع الولايات الأمريكية وفي جميع أنحاء العالم أيضًا، لكنها كانت الأم في المقام الأول وكنا الأولولية لديها، وحتى أحفادها كانوا أقرب لها منا نحن الآباء والأمهات، كانوا دائمًا ما يحكوا لها مشاكلهم بدلاً منا، وكانت دائمًا تسمعهم".
أما عن حياة جيهان السادات الجدة، فقال أكبر أحفادها شريف مرعي: إنها كانت بالنسبة له الجدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، "كانت تضع عملها السياسي ومكانتها على جنب، وتصبح معي جدة التقليدية الحنونة العطوفة وكنت دومًا ما أقضي معها عطلتي الصيفية، سواء في مصر أو حينما انتقلت إلى أمريكا. كانت مهتمة جدًا بتربيتي حتى بعد وفاة جدي".
وأضاف مرعي: "كانت بالنسبة لي الجدة التي أذهب إليها حينما أقع في مشكلة، حينما أريد المساعدة، ومن خلال رواياتكم التي تتحدثون فيها عن كم انشغال جدتي، فإنني سعيد للغاية بالمجهود التي بذلته كي توفر وقتًا وتكون لي هذه الجدة الحنونة".
فيما وصفت سارة مرعي، شقيقة شريف، جدتها بأنها كانت "مثالًا يحتذى به، مع كل موقف صعب أو مشكلة تحدث كانت رد فعلها تتميز بالهدوء والرزانة، انفعالاتها كانت في غاية الذكاء ومحسوبة بدقة، لقد تعلمت منها ذلك".
وقالت سارة: "تعلمت منها أن أنظر وأشاهد وأتعلم بهدوء، أن أرى ماذا يحدث وأن أجمع المعلومات ولا أفترض، كانت دومًا ما تستمع للأخرين ولمشكلاتهم، وأعتقد أن هذه الطريقة جعلتها تعرف أكثر عما يحدث مع الأجيال الأصغر من النساء وفي جميع أنحاء مصر. كانت داعمة لحقوق المرأة وكانت فخورة بي للغاية وداعمة لي حينما بدأت عملي كباحثة في الأثار المصرية في وزارة الأثار مع دكتور حواس".
وأضاف: "التقيت بها مرة ثانية برفقة زوجها الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ولن أنسى إنني كنت أشرح كيف بنى هرم خوفو وأنه مكون من 2 مليون و300 ألف حجر ضخم، وقد قام السادات بسماع هذه المعلومات العديد من المرات، لكنه كرر قول الرقم أمام كارتر لإظهار عراقة الحضارة المصرية".
وعن جيهان السادات كمحاضرة، قال حواس: "ذهبت أنا والسادات إلى مدينة رينو بولاية نيفادا الأمريكية لإعطاء محاضرة، ما أبهرني كانت القوة والكرامة التي كانت تخاطب بها ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص وكلهم ينصتون إليها بشكل لم أره في حياتي، حتى يمكنك سماع صوت الإبرة إذا رميتها على الأرض".
وعلق حواس على حبها لمصر: "رأيت سيدة كل ما في قلبها هو حبها لمصر، وحبها لوطنها وشعبها".
وعن حبها الشديد للرئيس الراحل أنور السادات، قال زاهي: "كانت تراه بطلًا، ووقعت في حبه بسبب نضاله من أجل مصر".
وقالت التلاوي: "ألتقيت بها وأقنعتها بأن دورها يحتم عليها حضور المؤتمر وتمثيل مصر كأيقونة ونموذج للمرأة المصرية.. ومن ثم قامت على الفور إبلاغ وزير الخارجية المصري بقرارها من أجل حجز الإقامة في الفنادق للوفد المشارك في أسرع وقت ممكن".
وأضافت التلاوي أن شخصية السادات برزت خلال المؤتمر العالمي للمرأة التابع للأمم المتحدة، والذي ترأست أيضًا الوفد المصري المشارك خلاله في العاصمة الدنماركية "كوبنهاجن" عام 1980، موضحة أن السادات تعرضت لانتقادات عنيفة من العرب المشاركين بسبب اتفاقية السلام مع إسرائيل وأرادوا مقاطعتها عند إلقاء كلمتها، قائلة "قمت بالتحدث مع القائمين على الجلسة وطلبت منهم غلق جميع الأبواب وعدم سماح الأمن لأحد بالعبور وقت إعطاء السيدة جيهان السادات الكلمة لها. وقامت حينها بإلقاء خطاب ممتاز".
وأضافت "كانت مؤمنة للغاية بضرورة إحلال السلام، وحينما رأيناها على شاشات التلفاز عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وجدنا سيدة تدافع عن اتفافية السلام باحترافية تفوق أي مسئول أو محلل سياسي على مستوى العالم".
أما عن نشاط جيهان السادات في مجال حقوق المرأة، قالت التلاوي إن سيدة مصر الأولى كانت دائمًا ما تدعمها هي وزملائها في الموازنة بين الحياة العائلية والعملية من خلال تنظيم الوقت، لافتة إلى أن جيهان السادات لم تكن لتضيع يومًا واحدًا بدون ما تفعل شيئًا جيدًا لمصر؛ حيث قامت بتأسيس جمعية الوفاء والأمل لرعاية جميع الضباط والجنود المصابين في الحرب لتقديم الرعاية الصحية لهم ورعايتهم في حال عدم وجود أهل لهم.
وأضاف: "نجحت السادات في جعل نفسها نموذجًا للمرأة ليس فقط في مصر ولكن حول العالم بأسره. عاشت حياتها مثل الشمعة في وسط الرياح، وبكل تأكيد، فإن هناك الآلاف بل ملايين الشموع الأخرى أضيئوا بسبب هذه الشمعة. هكذا ألهمت السادات الملايين من المصريات".
وعن السادات الزوجة، تابع زهران: "كانت نموذجًا للزوجة المصرية الصامدة التي تقف بجوار زوجها في وقت المحن، وقفت بجانب زوجها الرئيس الراحل أنور السادات حينما كان ضابطًا صغيرًا طموحًا في الجيش في وقت كانت تمر فيه مصر بأحداث محورية حتى تدرج المناصب وأصبح نائب لرئيس ثم رئيسًا للجمهورية".
أما عن إسهامات جيهان السادات الخيرية ونشاطها في الدفاع عن حقوق المرأة، قال زهران إن السادات غيرت العديد من قوانين المجتمع المدني، التي مهدت الطريق لإعطاء النساء حق النفقة وحضانة الطفل في حال الطلاق.
وتابع : "وبعد عدة عقود، وافقت السادات على إنشاء مركز لتخليد إسهامات زوجها الراحل في مجال السلام في جامعة ميرلاند، وبمجرد موافقتها، ألقي الضوء على الجامعة بشكل لم يكن له مثيل.لقد كرست جهودها لإنشاء مركز السادات بالجامعة، وللمشاركة في جمع التبرعات لإنشائه، انتقلت منطقة واشنطن دي سي، وأصبحت زميلة في الجامعة. وبدأت في عقد حفلات عشاء في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية لجمع التبرعات. لقد كانت ظاهرة استثنائية".
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com