ان انهيار النظام المصرفي في لبنان وتآكل مؤسسات الدولة، تلازم مع الحصار المفروض بهدف تجويع الناس، علهم ينتفضون ضد جبهة الرفض واهلها.... وترتاح إسرائيل وترتاح وتيرات التطبيع المتكاثرة جهارا ام خلسة.
اعتقد مهندسو هذا الحصار بالتنسيق مع حلفاء محليين أن نتائجه ستكون نضب التأييد للمقاومة التي اكتسبت مصداقية مهمة لدى شرائح عديدة من الشعب. كما اعتقدوا ان ذلك يعزز الحصار على سوريا التي بدأت تتعافى ببطء من الحرب العالمية عليها، بمشاركة اقليمية وخليجية.
ما زالت وسائل الإعلام ناشطة في تأجيج الكراهية من خلال بث اتهامات واخبار ملفقة في أغلبها. وبالفعل نجحت في خلق احتقانا عند شريحة من اللبنانيين كانت متحفظة على دور المقاومة التي انطلقت نتيجة تخلي الدولة والنظام عن واجب مقاومة الاحتلال والتصدي للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة.
بالفعل، ازدادت الأمور تأزما مع الانهيارات المتتالية في أغلب القطاعات وازداد الفقر وارتفعت نسبة البطالة، وانهيار سعر العملة الوطنية. كل هذه الكوارث تناغمت مع اقفال أغلب الاسواق الخليجية امام اللبنانيين وأمام المنتجات اللبنانية.
تفاقم الوضع الكارثي على كل الناس. لا كهرباء لا أدوية، لا مازوت،.... وازدادت تبادل الاتهامات حول من المسول؟} وغض أهل النظام النظر عن دور أهل الاحتكار، حلفائهم في تجويع الناس وامتصاص بقية مواردهم.. انقسم أهل النظام وتعاظم تبادل الاتهامات وبؤس الناس يتعاظم.
تدخلت الولايات المتحدة وسفيرتها في لبنان بشكل مهين بالتحريض والتهديد بعظائم الأمور إن تجرأ أي كان على كسر الحصار، مما أدي الي تفاقم الغضب العام الذي أرادت الولايات المتحدة أن ينصب على المقاومة وعلى أهلها.
نجحت الولايات المتحدة بإفشال الضروري في مجتمع تعددي: الحوار والوسطية، كما نجحت في شيطنة المقاومة في صفوف معارضيها في لبنان
ماذا حصل مؤخرا؟
معركة كسر عظم ضحيتها كل لبنان وكل سكانة. المبكي أنه خلال هذه الفترة الخطيرة استفاد أهل النظام ومافيات المحتكرين المحمية منهم. وعوضاً عن فتح باب الاستيراد على مصراعيه لتخفيف التداعيات الكارثية وتخفيف معاناة البشر، ازدادت الحملات ضد أي مبادرة للاستفادة من أسواق جديدة ومن عروض الشراء بالعملة الوطنية!
تدهور الوضع المعيشي وتدهور الوضع الأمني مع تكرار مآسي يومية.
رغم كل هذه الانهيارات، ظلت سلطات الحكم على الحياد، همها الإعداد للانتخابات القادمة؟؟ همها الاتفاق على أسماء الوزراء الجدد!؟ في ظل غياب مخزي لأي اقتراح لبرنامج إصلاحي ملزم.
فراغ مخيف مجرم وهروب مخزي من تحمل المسؤوليات الدستورية، كل هذه التطورات والتركيز المبرمج المتواصل هو على اتهام المقاومة لدرجة أن الحكومة الاسرائيلية قالت علانية "الحل بسيط وفي متناولكم: اقضوا على المقاومة لتصليح كافة الأمور".
كتبت مؤخرا ورقة عمل لمنتدى اقتصادي في لبنان، ذكرت فيها أنه "لا بد من مقاومة اقتصادية تتناغم مع تيار المقاومة السياسي، من أجل إلغاء الاتفاق الغير معلن والمدعوم أمريكيا، بعد اتفاق الطائف، القاضي بتسليم قطاع الاقتصاد الى رفيق الحريري ولجماعته هذا الاتفاق الذي وضع البلد على مسارين متناقضين".
إن قرار الحصار المفروض على لبنان هو لخدمة إسرائيل، لذلك فإن كسره هو رفض للذل، وهو ضرورة وطنية من أجل إنقاذ لبنان من الاوضاع الكارثية وتحريره من قرارات من هذه المنظومة الاستعمارية التي تهدف إلى خدمة أهل التطبيع.
الخلاصة إن فشل النظام الفاسد المفسد وانحلال اغلب مؤسسات الدولة، يتطلب وجوب ملء الفراغ من الذين أخذوا زمام المبادرة يوم تقاعست الدولة عن حماية لبنان ومحاربة الاحتلال ودعم الجيش (وما تزال).
* خبير إقتصادي لبناني
** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "دار الحيـــاة"
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com