ما قبل العدوان ليس كما بعد فشله الذريع..

11:17 م ,02 يونيو 2021

 المطلوب الآن تطبيق المقررات الدولية وليس الغرق في دوامة مفاوضات عبثية

بداية لا بد من التأكيد أن الصمود الأسطوري الفلسطيني ووحدة شعبنا وفصائله وقواه وسلطته الوطنية في مواجهة وصد العدوان الأخير وإحباط اهدافه ونصرة الأقصى والقدس والمقدسيين، قلب الكثير من المعادلات وبات الوضع الفلسطيني افضل حالا مما كان عليه، واصبحت الأضواء مسلطة مجددا على القضية واتضحت للعالم بشكل اكبر انتهاكات الاحتلال الجسيمة وجرائمه، مما يوفر للجانب الفلسطيني  

أوراق قوة جديدة في أي محادثات او اتصالات بشأن الحل الممكن.

وغني عن القول ان ما ارتكبه العدو من جرائم يندى لها جبين الإنسانية باستهداف المدنيين مما أدى لاستشهاد العشرات من الأطفال والنساء، وجرح ما يقارب الالفي فلسطيني وغالبيتهم من المدنيين،  وهذا الدمار الهائل الذي الحقته آلة الدمار الإسرائيلية لا يمكن ان يمر مرور الكرام،  بل يجب ان يدفعنا ذلك كي نكون أكثر تشددا في  الموقف من هذا العدو،  ولم يعد الأمر يحتمل مزيدا من المفاوضات العبثية بل إن ما بات مطلوبا اليوم هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية بإنهاء هذا الاحتلال غير الشرعي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على كامل الاراضي المحتلة عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس وضمان حق اللاجئين في العودة والتعويض.

وقد اثبتت هذه الجولة من المواجهة لهذا الاحتلال ولحليفته الولايات المتحدة الأميركية ان هذا الشعب الفلسطيني بكل قواه خاصة المقاومة في قطاع غزة وفي مقدمتها حركة حماس قادر على قلب الامور رأسا على عقب، وقادر على الصمود ومواجهة جبروت القوة العسكرية لهذا الاحتلال بكل ما يملكه الاحتلال من اسلحة أميركية متطورة، وقد رأينا الهلع الذي اصاب الجبهة الداخلية الإسرائيلية وكذا الخسائر المادية واعتراف العدو نفسه بعدم تحقيق اهداف العدوان، وبدء تبادل الاتهامات في الساحة الداخلية الإسرائيلية عن هذا الفشل الذريع  وهي الاتهامات التي طالت الاستخبارات وسلاح الجو الإسرائيلي ونتنياهو نفسه.

وها هي اسرائيل بعد العدوان ليست نفس اسرائيل ما قبله بعد ان خضعت لوقف النار دون شروط.

هذا العدوان الذي استمر  أحد عشر يوما عرى هذا الاحتلال عالميا وكشف انتهاكاته وجرائمه سواء بحق الأقصى او المقدسيين او القدس او قطاع غزة او فلسطينيي الداخل الذين عانوا طويلا من العنصرية وهبوا هبة رجل واحد مع ابناء شعبهم دفاعا عن القدس والأقصى وادانة للعدوان على غزة. وقد ظهر زيف ديمقراطية إسرائيل 

 وان ما ترفعه من شعارات حول مشاركة الغرب قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان مجرد أكذوبة نسفتها هذه الوحشية الإسرائيلية التي لا تفرق بين عسكري ومدني وتقتل الاطفال والنساء وتعتدي على المقدسات وتسعى لتهجير الفلسطينيين من منازلهم واراضيهم.

ولا ننسى ان هذه المواجهة هي التي اجبرت وزير الخارجية الاميركي، انتوني بلينكن، على القدوم للمنطقة كي يطمئن نتنياهو بأن اميركا ملتزمة بحماية امن إسرائيل وان لإسرائيل ما اسماه حق الدفاع عن النفس دون ان يتحدث عن حق الفلسطينيين في الدفاع عن انفسهم ومقدساتهم وبيوتهم وأراضيهم، وهي التي أجبرت بلينكين على 

الوصول الى رام الله  لمقابلة الرئيس محمود عباس كي يقبل بالعودة الى المفاوضات، كما أجبرت بلينكن على الحديث عن حق الفلسطينيين في الحرية والكرامة والحديث مجددا عن حل الدولتين.

لهذا كله اعتقد ان على الفلسطينيين قيادة وشعبا وفصائل ان يقولوا لإدارة بايدن ولهذا الاحتلال وللعالم اجمع ان وقف التصعيد والتوتر والحل الوحيد لهذا الصراع هو التزام إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ورفع يدها عن الاراضي الفلسطينية وفي مقدمتها القدس وان شعبنا غير مستعد للغرق مجددا في دوامة مفاوضات عبثية مع هذا الاحتلال.

صحيح ان مواقف الرئيس الاميركي جو بايدن تختلف قليلا عن مواقف ترامب الا ان

ان سياسته في الانحياز لاسرائيل لا تختلف عن سياسة ترامب،  الا انه يخرج هذه السياسة بشكل افضل واكثر دهاء،  ولن ننسى ان الكونغرس اقر صفقة اسلحة ضخمة لإسرائيل خلال العدوان بما في ذلك صواريخ دقيقة التوجيه كتلك التي استخدمتها اسرائيل في قتل الاطفال والنساء في غزة وان ادارة بايدن عرقلت اربع مرات إصدار بيان من مجلس الامن لوقف العدوان وانها اعطت الاحتلال مزيدا من الوقت ليرتكب المزيد من جرائم القتل والدمار.

وبناء عليه علينا ان ننتهز هذه الفرصة لتعزيز وحدة  الصف والقرار الفلسطيني، على قاعدة استمرار الهبة الشعبية واستمرار الدفاع عن الاقصى والقدس والمقدسيين، لان عدونا لا يلتزم بأي قرار ، فهو غدار واكبر دليل على ذلك انه فور وقف النار  عاد الى الاعتداء على المصلين في المسجد الاقصى ، وحماية اقتحامات المستوطنين للاقصى والتضييق على اهالي الشيخ جراح وقمع الشبان المقدسيين ... الخ من ممارساته المعهودة.

لقد توحد شعبنا وقواه من النهر  الى البحر وفشلت اسرائيل فشلا ذريعا وهو ما يجب ان يدفع اميركا واوروبا لاتخاذ موقف جاد لإنهاء هذا الاحتلال كما يجب ان يدفع

القوى الفلسطينية كافة الان وليس غدا الى تعزيز وحدتها ووضع استراتيجية نضالية  تقود شعبنا لتحقيق اهدافه المشروعة ..والله المستعان.

 

* عضو المجلس الوطني الفلسطيني

** جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "دار الحياة"

جميع الحقوق محفوظة لـ الحياة واشنطن © 2024

هاتف: 00961-81771671

البريد الإلكتروني: info@darhaya.com