صلاة نادرة شهدتها مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية شرق العاصمة العراقية (بغداد)، في تشييع شخصية غير عادية، هو الطبيب العراقي ظافر فؤاد إلياهو، المُلقب بـ "طبيب الفقراء" في العراق، حيث صلى عليه زملاء وأصدقاء من ديانات مختلفة، كل حسب معتقده.
الطبيب الذي عاش حياة عامرة بالتضامن والحب لفقراء العراق، ذكر رحيله العراقيين بماض يخالف حاضرهم، حيث العنف الطائفي حاضر.
ظافر فؤاد إلياهو .. هو واحد من أشهر أطباء العظام في العراق، الذي عُرف بمواقفه الإنسانية، وهو يهودي، وعضو في طائفة سكنت العراق ونمت منذ قرون قبل أن يتقلص جودها، لتنحصر في 4 أشخاص فقط.
ودفن إلياهو في مقبرة خاصة باليهود في مدينة الصدر، قرب نصب الشهيد الذي شُيد إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين، وصلت على الطبيب الراحل شقيقته قبيل دفنه، وسط مشاركة أصدقائه في التشييع، حيث صلوا كل حسب ديانته.
ويعتبر يهود العراق، من أقدم الجاليات اليهودية في العالم، وبدأ وجودهم يبرز في العراق عام 586 قبل الميلاد، بعدما دمّر ملك بابل نبوخذ نصر معبد سليمان الأول في القدس، وبعد حوالى 2500 عام من هذا التاريخ، أصبح عدد الجالية اليهودية يشكل 40 بالمئة من سكان بغداد، وثاني أكبر مكون في العاصمة العراقية.
وتولى اليهود مناصب مرموقة في العراق حتى عهد قريب، ومنهم على سبيل المثال ساسون حسقيل وزير مالية أول حكومة عراقية شكلت في عهد الانتداب البريطاني وأول من وضع أسس النظام المالي للعراق، لكن في مطلع أربعينات القرن الماضي، تعرض اليهود في العراق إلى هجمات استهدفتهم، بالقتل والنهب راح ضحيتها أكثر من مئة شخص، وفي العام 1948 مع اندلاع حرب فلسطين بين الدول العربية، ومن بينها العراق، والمجموعات اليهودية المسلحة وقيام دولة إسرائيل، غادر غالبية اليهود البالغ عددهم آنذاك 150 ألفا بلدهم، بعدما سُحبت منهم هوياتهم، واستبدلت بأخرى خاصة باليهود فقط، ما جعلهم عرضة للاستهداف عند إظهارها، فاضطروا لتوقيع أوراق تثبت رغبتهم "الطوعية" بالتخلي عن الجنسية والممتلكات والرحيل عن العراق.
وبحلول العام 1951، كان نحو 96% من يهود العراق تركوه، وغادره الباقون بعدما تم تنفيذ عمليات إعدام علنية شنقا لعدد من التجار معظمهم من اليهود بتهمة التجسس لحساب إسرائيل في عام 1969، وما زال القانون العراقي يتضمن عقوبة الإعدام على من يدان بـ"الترويج للصهيونية"، ويحظر التراجع عن تخلي يهودي عراقي عن الجنسية.
وتلاشى وجود الطائفة الصغيرة، التي بقت في العراق، على مر العقود، وصولا إلى الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) ثمّ اجتياح الكويت وما أعقبه من حصار اقتصادي استمر حتى غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين في العام 2003، وحتى بعد هذه المرحلة تواصل تناقص أعداد اليهود وسط حرب طائفية وقتل على الهوية.
وتشير إحصاءات إلى وجود 219 ألف يهودي من أصل عراقي في إسرائيل يشكلون أكبر مجموعة من اليهود المتحدرين من آسيا، وترك هؤلاء خلفهم منازل ومعابد.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com