الفلسطينيون العالقون في "فردان المعدية": رحلة عذاب ومعاناة لا تُطاق من مصر إلى غزة

07:36 م ,06 فبراير 2021

ربما أسبوع أو أكثر، هي المدة التي إنتظرها كبار السن والمرضى والنساء والأطفال في منطقة "معدية الفردان" المصرية، وهم  في طريق عودتهم إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، مفترشين الأرض وتغطيهم السماء ويلفحهم  البرد القارس، لتعلن السلطات المصرية عن إغلاق المعبر وعودة كافة المسافرين للأماكن التي قدموا منها، في معاناة لا يمكن أن توصف يعيشها أبناء قطاع غزة الذين شاء حظهم العاثر أن يمروا بها، فقط لأنهم مضطرون للخروج من غزة أو الدخول إليها لأسباب قاهرة، قد تكون للعلاج أو للإلتحاق بالعمل أو لم شمل الأسرة أو التعليم أو.. إلخ. 

ظروف إنسانية صعبة يعانيها الفلسطينيون خلال عودتهم من مصر إلى قطاع غزة، سواء بسبب ساعات الانتظار الطويلة، أو بسبب تفتيش الأمتعة المتكرر على عدد من نقاط الحواجز الأمنية المنتشرة عبر طريق سيناء وتحديداً بعد معدية الفردان.

ويعد معبر رفح هو المنفذ الوحيد الذي يسلكه سكان قطاع غزة في سفرهم للخارج، منذ أن فرضت إسرائيل حصارا على السكان قبل 14 عاما، حيث لا تسمح سلطات الاحتلال إلا لعدد قليل من المرضى بالسفر إلى الضفة للعلاج، من خلال معبر بيت حانون “ إيرز”.

يقوم أفراد الأمن القائمين على الحواجز بتوقيف السيارات التي تقل المسافرين والعائدين والعالقين إلى قطاع غزة، فيفتشون أمتعة المسافرين في إجراءات تضاعف من معاناة المسافرين خاصةً المرضى وكبار السن والأطفال والنساء.

أحوال صعبة وظروف إنسانية لا تطاق هي حال الفلسطينيين على معدية الفردان، منهم مرضى كبار في السن ينتظرون دورهم  في الدخول، من أجل السماح لهم بمغادرة الأراضي المصرية والوصول بسلام إلى غزه عبر معبر رفح.

طلبة منحة كوبا

أزمة أخرى تعرض لها طلبة منحة كوبا البالغ عددهم 16 طالباً والذين كانوا ينتظرون على أحر من الجمر فتح المعبر،وبعد تمكنهم من الخروج من غزة والوصول إلى مطار القاهرة- عبر رحلة الشقاء المعتادة التي يمر بها أبناء غزة -وكذلك بعد قضائهم  ثلاثة أيام في المطار، منعتهم  سلطات مطار القاهرة من الصعود للطائرة المتجه إلى كوبا عبر العاصمة الفرنسية باريس، بحجة انتهاء صلاحية فحص كورونا وأن تأشيرة  "الترانزيت" إلى فرنسا مزورة.  وأوضح الطلاب، أن السلطات المصرية أعادتهم  إلى معبر رفح البري، وهم بأمس الحاجة، فثمن تذكرة  السفر الذي تمكنوا من تدبيره بلغ حوالي 2500 $،ولكن الطلاب لم يستسلموا، فلقد اتضح أن التأشيرة غير مزورة (..) وبعد إتصالات مكثفة جرت مع مسئوليين كبار،كللت مساعيهم بالنجاح،  وتمكنوا أخيرا من السفر. 

ويناشد المسافرون الفلسطينيون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتخفيف الإجراءات على المسافرين العائدين إلى قطاع غزة، خاصةً عند معدية الفردان، وكذلك يطالبون  السفارة الفلسطينية في القاهرة إلى الإلتفات لقضايا المسافرين ومحاولة حلها والتدخل لدى السلطات المصرية لتخفيف الإجراءات عنهم.

مطالبة الفصائل الفلسطينية

أحوال المعبر الصعبة وتحرك المواطنين دفع فصائل المقاومة في قطاع غزة لمطالبة السلطات المصرية بالعمل على التخفيف عن سكان القطاع، وإعادة فتح المعبر كما كان سابقاً- أي كما كان الوضع قبل شهر مارس من العام الماضي، حين أغلق المعبر، بعد وصول فيروس كورونا إلى المنطقة.

ومنذ إغلاق المعبر بسبب فيروس كورونا، لا يتم فتح المعبر إلا أياماً معدودة وعلى فترات متباعدة، للسماح لأصحاب الحالات الإنسانية من مرضى وطلاب وأصحاب إقامات في الخارج بالسفر، وكذلك السماح للعالقين بالعودة إلى قطاع غزة.

وأبدت فصائل المقاومة استنكارها تجاه معاناة الفلسطينيين المسافرين والعائدين إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، ومكوثهم في البرد القارص لعدة أيام في طريق العودة إلى أهلهم ووطنهم، وخصوصا أن معظمهم من كبار السن والنساء والمرضى والطلاب،

وقالت الفصائل: "رغم تقديرنا للظروف الأمنية التي تعيشها الشقيقة مصر لكننا نؤكد على أن  المعاناة التي يتعرض لها  أبناء شعبنا تزيد من وطأة عذاب السفر والتعب عليهم، خصوصا في ظل إغلاق معبر رفح لفترات متباعدة ."

مناشدات ترجو التلبية

الناشط مرعي بشير كتب على صفحته في الفيسبوك على معاناة المواطنين الفلسطينيين العالقين في الطرقات:" يا سيد المقاطعة ويا شيخ خزان غزة قبح الله وجهكم وبعد،،،

سأخبركم بما تعرفوه من ذل وقهر وهوان يتعرض له الغزي في طريق الآلام من مصر إلى غزة

لن أخبركم بما لا تعرفوه عن سفارتنا بالقاهرة التي لم تقدم أي مساعدة للعالقين والفقراء المعوزين الذين نفذت أموالهم، ولن أخبركم بما تعرفوه عن عدم قدرة سفارة دولتنا العتيدة معرفة متى سيفتح معبر رفح كي يستطيعوا الناس ترتيب أمورهم بل نشرت خبر فتح المعبر بعد يومين من فتحه، ولن أخبركم بما لا تعرفوه بأن الفلسطيني يخاف من سفارته اذا احتج أمامها أن تستدعي الأمن لإذلاله، ولن أخبركم بما لاتعرفوه بأن منذوب سفارتنا وافق على دفع العالقين غرامة تأخير قيمتها 1514 جنيه بسبب إغلاق سياسي ليس للمواطن أي ذنب فيه، ولن أخبركم بما لاتعرفوه بأنكم لم تدفعوا للفقراء والمرضى الباكين من عدم مقدرتهم على دفع الغرامة وتركتوهم مكسوري الخاطر تحت أعين شفقة الآخرين من العالقين المنكوبين.

 والآن سأخبركم بما تعرفوه

بعد أكثر من شهرين من صرخات ومناشدات العالقين فتح معبر رفح بين ليلة وضحاها، ومن أجل العودة الطارئة والاستثنائية هرع العالقين مسرعين يوم الأحد مساءً من القاهرة الى معدية الفردان على قناة السويس، الكل كان على أمل أن يصل إلى غزة بسرعة بعد المعاناة الطويلة لكنهم للأسف تعرضوا للقرصنة والذل والهوان

تفاجئ العالقون بقراصنة طريق الآلام ( السائقين) الذين قاموا بحجز سياراتهم قبل معدية الفردان ليتم بيع المقعد الواحد بالسيارة من 2000 الى 3000 جنيه، مستغلين حاجة الناس للعودة، وأصبحوا العالقيين أمام معضلة وصول دورهم بعد ان شاهدوا العدد الكبير من السيارات أمام دورهم والذي حال الى عدم تمكن المئات من العودة الى غزة، رجعوا خائبين الى مصر بعد انتهاء مدة فتح المعبر الاستثنائية

4 أيام من الذل والهوان والعالقين الضحايا يرون مزاد بيع المقاعد وسمسرة السائقين وادخال سيارات أمام دور الناس بتواطئ السائقين الآخرين،  علاوة على إجبار السائقين للعالقين على دفع تكاليف إضافية حتى لايتم انزالهم أو القبول بأي صفقة يراها السائق في مصلحته الحقيرة

في كل يوم من الأيام الأربعة لم تتحرك السيارات بدورها على معدية الفردان سوى بعض مترات  لأن أولوية الدخول للمرحلين من مطار القاهرة ثم سيارات السائقين القراصنة الذين سرقوا أدوار الناس، وماتبقى من وقت تكون للأدوار العادية

لم تشفع صرخات النساء اللواتي لم يدخلن أية دورة مياه طوال الأيام الأربعة، ولا انكسار كبار السن الذين بالوا على أنفسهم ولا حفاظات الأطفال التي نفذت، ولا جوع الفقراء الذين لا يملكون ثمن وجبة غداء، ولا ولادة سيدة في الشارع، ولا اقدام عجوز على الانتحار أمام سكة القطار وولا كل أوجاع المرضي كي يعجلوا من تفتيش الحقائب على معدية الفردان.

النوم في السيارة مع 7 الى 10 ركاب من العالقين الذين لم يستحموا ولم يخلعوا أحذيتهم منذ 4 أيام تشتم روائح لايمكن لك أن تعترض عليها لأنك تحمل نفس هذه الرائحة وأنت مشارك بفعالية في مجمل هذه الروائح، هذا بجانب أصوات الوجع من الشخير المختلط بين النساء والأطفال والكبار والمرضى

ويكرمك الله بعد كل هذه المعاناة لتصل بوابة معبر رفح فأنت تحتاج فقط  4 ساعات و400 جنيه كي تدخل صالة المعبر وستطاردك لعنة الوقوف في دور الانتظار وبطء الإجراءات ودفع الغرامات حتى تصل معبرنا الفلسطيني

للأمانة والتاريخ في معبرنا الفلسطيني لن تعاني طالما لم تكن ناشطاً سياسياً أو شخصاً عليه إشارة أمنية بضرورة التحقيق معه وتفتيش أجهزته الالكترونية بطريقة سخيفة غير مبررة.

أخبار ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة لـ الحياة واشنطن © 2024

هاتف: 00961-81771671

البريد الإلكتروني: info@darhaya.com