مَرّ اليوم عقد على اندلاع ثورة "25 يناير" في مصر، والتي احتشد فيها ملايين المصريين للمطالبة بـ "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، وقد اختاروا يوم 25 يناير، لما له من دلالة رمزية، حيث الاحتفال بعيد الشرطة، التي كانت سياساتها أحد أهم مسببات انلاع الثورة.
واليوم بعد 10 سنوات كاملة على اندلاع الثورة، التي نجحت في إجبار الرئيس الراحل حسني مبارك على التنحي، يتصدر شعار "أعياد الشرطة" شاشات المحطات التلفزيونية المصرية، وضباط الأمن يجوبون شوارع الدولة، يوزعون الورود على المواطنين إحياءً لعيدهم، فيما لا يتم ذكر الثورة في الفضائيات ووسائل الإعلام المصرية إلا على استحياء، أو لانتقادها، واتهام محركيها بالخيانة.
ويقبع شباب، طالما اعتبروا رموزا لثورة يناير، خلف القضبان منذ سنوات، لاتهامهم بالتعامل مع جهات خارجية، وتلقي تمويلات من دول مجهات في الخارج، وهى التهم التي وجدت استنكارا لدى قطاعات من الشعب، فيما أيدها آخرون، ورأوا أن الدولة استردت سيادتها، بعد سنوات من السيولة عاشتها أبرز أجهزتها.
وشهدت الثورة المصرية أحداثاً جساماً، وعاشت مصر سنوات من عدم الاستقرار، منذ تنحي مبارك، ثم تولي المجلس العسكري الحكم، وما رافق عامهم في السلطة من أزمات سياسية وحياتتية، حتى أتى الرئيس الراحل محمد مرسي رئيسا، ومكث في السلطة عاما، شهدت فيه البلاد اختناقات اقتصادية وحياتية غير مسبوقة، وسط سعي حثيث من جماعة "الإخوان المسلمين" على التمكين لأعضاء الجماعة وأنصارها من الإسلاميين في مفاصل الحكم، فضلا عن الانقلاب على حلفاء الجماعة من الليبراليين، والمدنيين، ما سبب أزمة سياسية تفاعلت وصولا إلى ثورة 30 يونيو 2013، وفيها احتشدت ملايين أخرى في ميادين مصر لعزل مرسي وجماعة الإخوان من حكم مصر، وهو ما تم بمساعدة من القوات المسلحة، كما حدث مع مبارك في العام 2011، حين أجبره الجيش على التنحي، لكن مرسي رفض الانتخابات الرئاسية المبكرة، فتم عزله.
وهنا بدأت حقبة جديدة من عدم الاستقرار عنوانها "الإرهاب الجوال" في محافظات مصر، والتفجيرات النوعية في شمال سيناء، خصوصا في رفح المصرية، التي راح ضحيتها مئات من ضباط الجيش والشرطة، وتولى الحكم الانتقالي لمدة عام المستشار عدلي منصور، حتى انتخب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا في العام 2015، وتوصلت الهجمات والضربات الإرهابية، إلى أن تمكنت القوات المسلحة والشرطة، من تجفيف منابع الإرهاب في عدة محافظات، ووصلت قدراته في سيناء إلى الحد الأدنى.
وإن كان مراقبون يرصدون تراجعا في ملف الحقوق والحريات، إلا أن مصر بعد عقد من ثورتها، تمكنت من تحقيق انجازات حقيقية في ملفات عدة، منها مشاريع البنية التحتية التي غيرت وجه الدولة، فضلا عن بناء آلاف الوحدات السكنية اللائقة، لسكان المناطق العشوائية، التي اختفت تماما في محافظات عدة، وسط تعهدات رئاسية بالقضاء عليها في كل أنحاء الجمهورية، فضلا عن بناء عدة مدن جديدة، بفكر جديد جاذب للاقامة فيها، عكس ما كان يحدث في العقود الماضية.
كما استطاعت مصر تطوير جيشها إلى الحد الذي بات فيه وسط العشرة جيوش الأقوى على مستوى العالم، وامتلكت قطعا حربية مكنتها من اكتشاف ثرواتها في عمق البحر المتوسط.
لكن تلك الإنجازات قابلتها إخفاقات، سواف في ملف الحريات، أو الحفاظ على تماسك الطبقة المتوسطة، في ظل اجراءات اقتصادية صعبة نُفذت في السنوات الماضية، أهمها تحرير سعر صرف الجنيه، ورفع الدعم عن منتجات أساسية، لكن الطبقة الفقيرة تم تأمين نوع من الحماية لها عبر برامج اجتماعية عدة.
هاتف: 00961-81771671
البريد الإلكتروني: info@darhaya.com