ماذا قال مبارك لأوباما حين طالبه بالتنحي ؟

12:40 ص ,20 نوفمبر 2020

كشف الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، عن كواليس أحاديثه مع الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، إبان تظاهرات ثورة 25 يناير، التي انتهت بتنحي مبارك عن الحكم، وتسليم السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وتحدث أوباما، في كتابه "أرض الميعاد"، عن انطباعاته عن مبارك ومصر التي زارها في العام 2009، حين ألقى خطابه الشهير من جامعة القاهرة، للعالم الإسلامي.

وذكر أوباما اسم مبارك في كتابه 75 مرة، وقال إنه لاحظ أن الشوارع التي مر بها في القاهرة، التي يقطنها 60 مليون نسمة، كانت خالية تماما، أثناء زيارته، في دلالة على القوة الهائلة لقبضة مبارك الأمنية، وقدرته على بسط السيطرة على شوارع مدينة بهذا الحجم، وسكان بهذا العدد.

ووجه أوباما اللوم لمبارك، قائلا إنه لم يهتم أبدا بإصلاح الاقتصاد الراكد لبلده، ما تسبب في ضيق الحال لجيل كامل من الشباب الذي لا يجد عملا.

وأوضح أنه قضى قبيل الخطاب، مع مبارك ساعة كاملة يتناقشان في مكتب الأخير بقصر القبة الرئاسي، وتطرق النقاش للأوضاع الاقتصادية، وكيفية تنشيط اتفاقية السلام مع إسرائيل، ولكن حين تحدث أوباما عن أوضاع حقوق الإنسان والسجناء السياسيين وحرية الصحافة، رد عليه مبارك بالتقليل من خطورة هذه الأمور، مؤكدا أن أجهزته الأمنية تستهدف فقط المتطرفين الإسلاميين، وأن هذه السياسات تلقى تأييدا واسعا بين المصريين.

ويقول أوباما إنه خرج من الاجتماع بانطباع صار يلازمه في كل مقابلاته مع "الأتوقراطيين كبار السن"، وهو أنهم معزولون داخل قصورهم، ولا يدركون حقيقة الأوضاع في بلادهم، وأنهم لا يفرقون بين مصالحهم الشخصية ومصالح دولهم، وأن ما يحرك قراراتهم هو الحفاظ على شبكة المصالح المعقدة من المقربين ورجال الأعمال وأصحاب المصالح  التي تحفظ لهم أماكنهم.

وقبيل اندلاع أحداث الربيع العربي، تحدث أوباما عن خطة لتوحيد خطاب الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط حول ضرورة الإصلاح السياسي، وفتح الباب أمام المجتمع المدني، كوسيلة لحماية المنطقة من الاضطرابات والانتفاضات المفاجئة، غير أن هذه الجهود كانت متأخرة، حسب أوباما.

وقال أوباما إنه تحدث مع مبارك هاتفيا حول احتمالية أن تمتد المظاهرات في مصر، لكن مبارك "بدا غير مكترث"، وقال: "مصر ليست تونس"، وأكد أن المظاهرات ضد حكومته ستنتهي بسرعة.

وأوضح أنه عندما وصلت المظاهرات لمصر، تحدث عن إدراكه لمخاطر القرار الأمريكي بين دعم "حاكم مستبد"، وبين تأييد المتظاهرين ومطالبهم بالديمقراطية والدولة المدنية.

وأضاف أوباما: "قلت لأحد مساعدي: لو كنت مصريا في العشرينات لشاركت في المظاهرات. لكن كان علي أن أتذكر أني لست مصريا ولست في العشرينات، بل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وموقعي يحتم علي أن أتفهم أن هؤلاء المتظاهرين لا يعبرون عن كل المجتمع المصري، وأن رحيل مبارك المفاجئ قد يترك فراغا في السلطة لا يملأه إلا الإخوان المسلمون".

وفي مكالمة هاتفية ثانية مع مبارك، حاول أوباما إقناعه بأن يعلن عن إصلاحات كبرى تهدئ من الأوضاع، لكن مبارك مرة أخرى قال إن المظاهرات وراءها تنظيم الإخوان المسلمين، وأكد أن الأوضاع ستعود للهدوء.

وقال أوباما إنه حاول مرة أخرى أن يقنع مبارك باتخاذ خطوات أسرع للتغيير، لكن مبارك أصر مرة أخرى على أن من يقف وراء المظاهرات هم الإخوان المسلمون، وأن الأمور ستعود لنصابها سريعا.

وبعد خطاب مبارك الأخير عن المؤامرات المحاكاة ضد مصر، قال أوباما إنه واجه مبارك بمخاوفه، بأنه إن أطال فترة انتقال الحكم وظل في منصبه، قد تتطور المظاهرات إلى خارج السيطرة، وأنه إن أراد التأكد أن الإخوان المسلمين لن يكونوا الجهة المسيطرة في الانتخابات القادمة، فعليه التنحي واستخدام مكانته في أن يحرك العملية من الظل، وعندها، اختار مبارك أن يرد بالعربية، قائلا: "أنت لا تفهم ثقافة الشعب المصري"، مضيفا بصوت أعلى: "الرئيس أوباما، إن بدأت في مرحلة نقل السلطة الآن، سيكون ذلك الأكثر خطورة على مصر".

وقال أوباما لمبارك: "أنا لا أفهم ثقافة الشعب المصري مثلك بالطبع، لكن هناك لحظات في التاريخ تتغير فيها الأمور.. أنت خدمت بلدك 30 عاما، وأنا أريد أن أتأكد أنك انتهزت الفرصة التاريخية كي تترك وراءك سيرة رائعة".

لكن مبارك، بعد نقاش طويل، قال: "أنا أعرف شعبي. إنه شعب عاطفي، سأتصل بك بعد فترة، وأخبرك أنني كنت على صواب".

وعندها، قرر أوباما أن الاستمرار في دعم النظام المصري تحديدا أمر شديد الصعوبة، وانتهى أوباما إلى أن قال لمساعديه بعد المكالمة: "هيا بنا نحضر تصريحا. سندعو مبارك للتنحي".

جميع الحقوق محفوظة لـ الحياة واشنطن © 2025

هاتف: 00961-81771671

البريد الإلكتروني: info@darhaya.com